بسم الله الرحمن
الرحيم
(ولا تنازعوا
فتفشلوا)
إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه،
ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ
له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ،
يا ربِّ حمداً ليسَ غَيْرُكَ يُحْمَدُ ** يا من لَهُ كُلُّ الخَلائِقِ تَصْمُدُ
أبوابُ غيرِكَ ربنا قد أوُصدت ** ورأيتُ بابَكَ واسعاً لا يُوصَدُ
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن
محمدًا عبدُه ورسولُ، وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد
في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ
تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
أما بعد فيا عباد الله:
لَقَدْ واجَهَتْ أمةُ الإسلامِ منذُ تأسيسِ دولَتِها
التحدياتِ العصيبة.
والفتنِ الداخليةِ والمؤامراتِ الخارجية.
وبقيتْ هذهِ الدولةُ صامدةً ثابتةً منتصرةً في وجهِ الأَزَمات.
بدأَتِ الأَزماتُ من غزوةِ أُحُد، حينما فرَّ ثُلُثُ
الجيشِ مَعَ عبدِ الله بنِ سلول.
وفي غزوةِ الأحزابِ - ونقضِ اليهودِ لعهدهم معَ النبيِّ
صلى الله عليه وسلمَ أَزْمَة.
وحينما كانتِ الفتنةُ بينَ المهاجرينَ والأنصارِ أزمة.
وحينما كانتْ حادثةُ الإفكِ كانَتْ أَزْمة.
وفي غزوةِ حُنين عندما أُعْجِبَ المسلمونَ بِكَثْرَةِ عَدَدِهِم
كانَتْ أَزمة.
وفي غزوةِ تبوك، يومَ العُسرةِ الماديَّةِ كانتْ أزمة.
ورَغْمَ كلِّ هذه الأَزَمات، كانَتْ دولةُ الإسلامِ
قادرةً على المواجهةِ وعلى الصمود.
والباحِثُ في سرِّ هذهِ القُوَّةِ والصمودِ الذي امتازتْ
بهِ الأمةُ في تلكَ اللحظات، يَعْرِفُ تمامًا أنّ سبَبَ الانتصارِ على هذهِ الأَزَماتِ
هوَ التَّماسُكُ وعدمُ التنازُع.
لذا فإنّ أوَّلَ الأعمالِ التي بدأَها النبيُّ صلى الله
عليه وسلم في تأسيسِ هذهِ الدولةِ:
هوَ المؤاخاةُ بينَ المهاجرينَ والأنصار، ليصنعَ مِنْ
هذينِ المُجتمعينِ المُتناحِرينِ مُجتمعًا واحدًا متماسكًا مُوَحدًا.
اليومَ إذا أردنا أنْ ننظُرَ إلى واقعِ الأمة، وواقعِ
المجتمعاتِ فيها، نجدُ أنها تُعاني
شيئًا مِنَ الهشاشَةِ وشيئًا من الفَشَل.
فعلى الصعيدِ السياسيِّ نجدُها مجتمعاتٍ مهمشةً لا قيمةَ
لها، ولا وزنَ لرأيها.
وعلى الصعيدِ الاقتصاديِّ فحدّث ولا حَرَج، مجتمعاتٌ تُعاني
منَ الفقرِ والبِطالَةِ وارتفاعِ المديونياتِ في دُوَلِها.
وعلى المستوى الاجتماعي نَجِدُ أنَّها مجتمعاتٌ تتنازعها
العصبياتُ القَبَليةُ والإقليمية،
فَتُفَرِّقُها حتى مباراةُ كرةِ قدم.
ولذلك فإنّ الناظرَ لهذه الهشاشة - يجدُ أنَّ مَرَدَّها
ما تُعانيه المجتمعاتُ مِنْ تَنازُعٍ وَفُرْقَة.
ولمّا جاءَ الاستعمارُ حقَّقَ أكثرَ مما كانَ يتوقَعُهُ،
فَخَطَّ خُطوطًا - وَسَمّى أسماءً وَجَعَلَ لِكُلِّ دَوْلَةٍ خُصوصيات، لا تَتَدَخَّلُ
بِها الأُخرى، وَعَمِلَ على مَبْدَأ (فَرِّقْ تَسُد).
فَكانَ لِدُوَلِ الاستعمارِ السِّيادة، وَكانَ لَنا الفُرْقَةُ
والتَّناحُر، حَتّى غَدا مَا خارِجَ الحُدودِ
شَأْنٌ خَارجيٌّ لا عَلاقَةَ لِدَوْلَةٍ ولا لِرَئيسٍ وَلا
لِمَرْؤوسينَ به.
وهذا مِصْداق ُ قَوْلِ رَبِّنا جَلَّ وَعَلا:
"وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ "
هكذا يُشيرُ القرانُ الكريمُ إلى سَبَبِ الفَشَلِ الواضِحِ
وَهُوَ التَّنازُع.
كَمْ مَرَّتْ بِنَا هذهِ الآية؟
وَمُشْكِلَتُنا في التَّعامُلِ مَعَ القُرآن: أنَّنا نَتعامَلُ
مَعَهُ تَعامُلًا اقتِصاديًا.
فَبِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنات، "وَلَا
تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ "
آيةٌ تَحوي سَبْعَةً وعشرينَ حَرْفًا، فَبالمِقياسِ الاقتصادي مئتانِ وَسبعونَ حَسَنَة،
ولكنَّ هذهِ الحسناتِ التي نَكْسِبُها بِيَدِنا اليُمْنَى وَنَحْنُ نَتلوا هذهِ
الآيةَ نُضِيعُها حينما نَعْمَلُ بِعَكْسِ ما فيها.
بَلْ رُبَّمَا تُضيعُ المئاتِ والآلافِ منَ الحسنات،
وأنتَ عُنْصُرِيٌّ إقليميٌّ مَقيت، تُنازِعُ بني جلدَتِكَ.
"وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ
رِيحُكُمْ " درسٌ عظيمٌ للأمةِ جميعًا أنْ يَتَوَحدوا
ويَجْتمعوا ويَنبِذوا الخِلافَ والخِصامَ فيما بينهم.
ويقولُ ربُّنا جلَّ وَعَلا: "ولا تكونوا منَ
المشركين" الذين كانَتْ صِفَتُهُم:
"فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ
كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ".
سافرَ الصحابةُ يومًا معَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه
وسلم، فنَزَلوا منزلًا فتفرقوا في الشِّعابِ والأوْدية، فقالَ لَهُم النبي صلى
الله عليه وسلم:
"إنَّ تَفَرُّقَكُم مِنَ الشيطان" فلمْ يَنْزِلوا بعدَ ذلكَ مَنْزِلا إلَّا انْضَمَّ
بعضُهمْ إلى بَعْضٍ.
لذلك نَجِدُ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم َكانَ يَنْهى
عَنِ الفُرْقَةِ حتى ولو في البيت الواحد، يقولُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:
"إنَّ إبليسَ يبعثُ سراياه، فأدناهُم مِنه منزلةً أعظَمَهُم فِتنةً، يَجيءُ
أحدُهم فيقولُ: فعلتُ كذا وكذا، فيقولُ ما صنعتَ شيئًا، ويَجيءُ أحدُهم فيقولُ: ما
تَرَكْتُهُ حتى فرَّقتُ بينَه وبينَ أهلِه، فيُدْنِيه منه، ويقولُ: نِعْمَ أنتَ!
ويقولُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إنّما يأكلُ
الذئبُ من الغنمِ القاصية"، فالذئبُ لا يَجْرُؤُ على مُهَاجَمَةِ القَطيعِ
مُجتمعًا، إنَّما يَتَرَبَّصُ بالغنمةِ القاصية، فَكُلُّ عالَمِنا العربيِّ
والإسلاميِّ أصبحَ أغنامًا قاصية، وكلُّ حِزْبٍ بِما لديهِم فَرِحون.
ويقولُ ربُّنا جلَّ وعلا: " وَاعْتَصِمُوا
بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ
وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ
قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا
حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا".
وكانَ المقصودُ بهذهِ الآيةِ الأوسُ والخزرج، وَهُمَا
قبيلتانِ عربيتانِ كانتا تَسْكُنانِ المدينة،
دامَ الخلافُ بينهما ما يزيدُ عنْ مِئَةِ عام، حَصَدَ
هذا الخلافُ منهُمُ الآلاف،
وكانَ السببُ وراءَ هذا الخلاف "اليهود"، وكلمَّا
اجتمعتِ القبيلتانِ فَتَنَ بينهُما اليهود،
وما اجتمعتِ القبيلتانِ على قلبِ رجلٍ واحدٍ إلا لـمّا
هاجرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلمَ إليهم، والشاهِدُ في الأمرِ أنَّ اليهودَ
قديمًا وحديثًا يمشونَ على مَبْدَأ التَّفْرِقَةِ للسيادة، وما أشبَهَ يهودُ
الأمسِ بيهودِ اليوم.
الصهيونيةُ العالمية، والماسونيةُ العالمية شتتتْ كلمةَ
الأمة، وجعلتِ الأمةَ دويلاتٍ مُتَناحرة، فأصبحَ حالُنَا كحالِ الأوسِ والخزرجِ
قبلَ أنْ يُهاجِرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلمَ إليهم.
فما تَسَلَّطَ أعداؤُنا علينا، وما انتهكوا حُرْمَةَ مُقَدَّساتِنا،
وما سفكوا دماءَنا إلا لما تنازعنا ففشلنا وذهبتْ ريحُنا.
وإنَّ تأريخَ الأُمَّةِ معَ الفُرقةِ واضحٌ جليّ، اتَّضَحَ
في سقوطِ الدولِ على اختلافِ عقائِدِها، فسقطَتْ الدولةُ العباسيةُ بعدَ تَفَرُّقِهَا،
ونَشَأَتِ الدولةُ البُوَيْهِيَّةِ، والمماليك، ودويلاتِ الشام، ولمْ يبقَ للخلافَةِ
العباسيةِ إلا قِطَعًا مُتفرقةً مُتناثرةً مِنَ العالَمِ الإسلاميِّ حينها.
وكذلكَ سقطتِ الدولةُ الإسلاميةُ في الأندلس، بَعْدَمَا
أصبحتْ دويلاتٍ متفرقةً متناحرة، لا همَّ لأَحَدِهِم سِوى أنْ يُلَقَبَ بألقابِ
الملكِ والسلطان والأمير والخليفة، حتى ولو كانَ على بُقْعَةٍ لا تتجاوزُ حظيرةَ خِراف.
أَسماءُ مَملَكَةٍ في غَيرِ مَوضِعِها كَالقِطِّ يَحكي اِنتِفاخاً صَولَةَ
الأَسَدِ
فعاشتِ الأُمَّةُ مِن وَقْتِها إلى الآن عَلى هامِشِ التأريخ،
وتجرعَتْ ألوانَ الهوان.
وما جاءَ الإسلامُ إلا ليخرجَ الناسَ من تفاهاتِ وخُرافاتِ
الفُرقَةِ والتشتت، والتقاليدِ الجاهليةِ البالية، التي جعلتِ الناسَ يَلْهَثونَ
وراءَ السراب، فَفَشِلْنا على جميعِ الصُّعُد،
وأصبحتْ ثَرَواتُ البلادِ ليستْ مُلْكًا لأصحابها، وكلُّ
مؤسساتِ المجتمعِ في فشل، وأصبحتْ كلُّ دولةٍ مشغولةٍ بقضاياها، وَبِنِسَبِ الفقر والبِطالةِ
التي تُحيطُ بها من كلِّ جانب.
تأبى الرِّماحُ إذا اجتمعنَ تَكَسُّرًا وإذا افترقنَ تَكَسَّرَتْ آحاداً
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فيا فوز المستغفرين
استغفروا الله.
الخطبة
الثانية:
الحمد لله وكفى، وسلام على نبيه الذي اصطفى
في الآونةِ الأخيرةِ توالت على الأمةِ الإسلاميةِ النَّكَباتُ
والأَزَماتُ ما بين خُذلانِ أمَّةِ المليار، واغتيالٍ لقادةٍ عظماءَ قد وهبوا
أنفُسَهُم لِنُصْرَةِ دينِ الله.
وقَتْلٍ للأطفالِ والنساءِ ورجالِ الأمةِ الإسلاميةِ على
أيدٍ فاجرة، وخلالَ هذه الأزماتِ والنَّكبات، يتساءَلُ النّاسُ: ما الحل؟ وما
المخرج؟
ولكنه الكلامُ الذي لا يؤدي إلى القيام، فالأُمَّةُ ما
بينَ مُخَدَّرٍ ومُخَدِّر.
فهل كُتب على هذه الأمةِ أن يستعليَ عليها اليهودُ والكَفَرة؟
أم هل كُتبَ على المسلمينَ أنْ تَتَسَلَّطَ عليهِمْ
وحوشٌ كافرةٌ فاجرة؟
وهذا السؤال سأَلَهُ قبلَنا أفضلُ مَنْ مَشى على هذه
الأرض، فأنزلَ اللهُ الإجابة: "أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ
أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ
قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ".
يُحكى أنّ ابنةَ هولاكو كانَتْ تتجوَلُ في شوارِعِ
بغداد، فرأَتْ حَشْدًا مِنَ النَّاسِ قد تَحَلَّقوا حولَ عالمٍ مِنْ علماءِ
المسلمين، فسألت حرَّاسَها: مَنْ هذا؟
فقالوا: عالمٌ مِنْ عُلَماءِ المسلمين يجتمعُ الناسُ حولَهُ
عادةً.
فأمرتْ أنْ يأتُوهَا بهِ مربوطَ اليدين والرجلين،
ففعلوا، ولما وضعوهُ بينَ يَدَيْها
قالت له: ألا تزعمونَ أنكم تُؤمنونَ بالله؟ قال: بلى.
قالت: ألا تزعمونَ أنّ اللهَ يؤيدُ بنصرهِ من يشاء؟ قال:
بلى.
قالت: ألم يَنْصُرُنا اللهُ عليكم؟ قال: بلى.
قالت: أفلا يعني ذلك أننا أحبُّ إلى الله منكم؟ قال: لا.
ثمّ سألها: ألا تعرفين راعي الغنم؟ قالت: بلى.
قال: ألا يكونُ مَعَ قطيعهِ بعضُ الكلاب؟ قالت: بلى.
قال: ما يفعلُ الراعي إذا شردت بعضُ أغنامه؟ قالت:
يرسلُ عليها كلابَهُ لتعودَ إليه.
قال: فإن عادت إليه فماذا يصنع؟
قالت: يكفيها شرَّ كلابه.
قال: وكذلك أنتم أيها التتار كلابُ الله في أرضه،
وما دمنا شاردينَ عن منهجِ اللهِ وطاعَتِه، فستبقون وراءَنا حتى نعود إليه سبحانه.
وما زلنا أيها الأخيارُ شاردين، فَسُلِّطَ على هذهِ
الأمةِ أقذرُ الشعوبِ وأحقَرُها،
بَلْ وَسُلِّطَ عليها كلابٌ من الخونةِ الذينَ باعوا أمَّتَهُمْ
بِعَرَضٍ من الدنيا قليل.
في الوقتِ الذي غدا فيهِ العملُ لِنُصْرَةِ الإسلامِ فَرْضَ
عينٍ على كل فردٍ من أفرادِ الأمة،
وفي الوقتِ الذي اختلطَ فيهِ الغَثُّ بالسمين، فتاهَتِ
الناسُ بينَ الحقِّ والباطل.
وألفُ ألفُ ماذا تطوفُ على مخيلةِ الناس، لماذا تَحَوَّلَ
الحالُ فأصبحتِ الأرضُ الْمُسلمةُ هي النَّهبَ الْمُباح، والجدارَ القَصيرَ لكلِّ
غازٍ ومحتل؟
ما الذي تغير حتى صار دَمُ المسلمِ اليومَ أرخصَ الدماءِ
وأهونَ الدماء؟
ما الذي تغير حتى أصبحنا لا نُقَلِّبُ طَرْفًا على طَرْفٍ
إلا ونَرى كسيرًا، أو جريحًا،
أو مشرَّدًا، أو نائحةً تنوح؟
قتلٌ وتشريدٌ وهتكُ محارِمٍ فينا وكأسُ الحادِثاتِ دِهاقُ
يا مجلسَ الخوفِ الذي في ظلّهِ كُسِرَ الأمانُ وَضُيِّعَ الميثاقُ
أبتاهُ أمتنا التي تدعونها صارت على دربِ الخضوعِ تُساقُ
كيفَ بنا لو بُعِثَ فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
اليوم، فرآنا مُحتربينَ متدابرينَ متقاطعين، لا ينصُرُ مسلمٌ مسلمًا، ولا يشعرُ
مسلمٌ بمسلم، بل قد يشمتُ مسلمٌ بمصابِ مسلم. أما رأيتم أحد الساقطين وهو يقيم
مهرجانًا غنائيًا ساقطًا يَحتشدُ فيه الآلاف في دولةٍ كنا نحتسبها رئةً لأهلنا في
غزة في الوقت الذي تُنتشلُ فيه الأشلاءُ من تحت الرُّكام.
اللهمّ قد أصبحت أهواؤنا شِيَعاً فامنُنْ علينا براعٍ أنتَ ترضاهُ
راعٍ يُعيدُ إلى الإسلام سيرَتَهُ يرعى بَنِيهِ وعينُ اللهِ
ترعاهُ
هذا واعلموا عباد الله أن الله قد أمركم بأمر عظيم بدأ
به بنفسه وثنى بملائكة قدسه، وثلث بكم فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ
يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
لبيك اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آل محمد،
كما صليت وسلمت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
وارض اللهم عن الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين
اللهم انصر الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين
اللهم ارفع ما حل بإخواننا في فلسطين، اللهم انصر
المجاهدين، وارحم المستضعفين
اللهم أعنهم ولا تعن عليهم، ومكن لهم ولا تمكن منهم،
وانصرهم ولا تنصر عليهم
اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين خيرا فوفقه إلى كل خير
ومن أراد بالإسلام والمسلمين شرًا فخذه أخذ عزيز مقتدر
اللهم عليك باليهود ومن والهم / اللهم عليك باليهود ومن
ناصرهم
اللهم لا ترفع لهم راية / ولا تحقق لهم غاية / واجعلهم
عبرة وآية.
اللهم ملك البلاد أره الحق حقًا وارزقه إتباعه / وأره
الباطل باطلًا وارزقه اجتنابه
وهيئ له البطانة الصالحة، إن نسي ذكروه، وإن ذكر أعانوه.
وأنت يا أخي أقم الصلاة.
تعليقات
إرسال تعليق