التخطي إلى المحتوى الرئيسي

شعبان 2025

 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

شَعْبَانُ - وَفَضَائِلُهُ

إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ ‏أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ ‏لهُ،

يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً         فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ

إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ           فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُذنبُ

ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا             وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ

 

وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، ‏وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده ‏حتى أتاه اليقين.‏ ‏

‏﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾‏.‏ ‏

 

‏﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ‏ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.‏

 عِبَادَ اللَّهِ:

يَقُولُ ربنا جل في علاه: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾.

فَهَا هِيَ اللَّيَالِي تُطْوَى، وَالسَّاعَاتُ تَأْخُذُ بِنَا إِلَى اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ، وَنَحْنُ قَادِمُونَ عَلَى اللَّهِ لَا شَكَّ فِي ذَٰلِكَ وَلَا رَيْبَ، وَلَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَفِدَ عَلَى اللَّهِ بِعَمَلِهِ.

فَإِنْ قَدَّمَ خَيْرًا فَهَنِيئًا لَهُ، وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَٰلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.

 

فَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ التَّوْفِيقِ أَنْ يُوَفَّقَ الْعَبْدُ لِمَعْرِفَةِ قِيمَةِ الْوَقْتِ وَالزَّمَنِ، فَيَسْتَثْمِرَ كُلَّ سَاعَةٍ فِي حَيَاتِهِ وَيَسْتَثْمِرَ كُلَّ لَحْظَةٍ فِيمَا يُقَرِّبُهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَىٰ، لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ الدُّنْيَا إِلَى زَوَالٍ، وَهَذِهِ الدُّنْيَا هِيَ دَارُ اخْتِبَارٍ، وَعَلَىٰ قَدْرِ الِاجْتِهَادِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا تَكُونُ الدَّرَجَةُ وَيَكُونُ الْقُرْبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ﴾.

وَإِنَّ مَنْ تَفَكَّرَ فِي هَذَا الْمَصِيرِ عَلِمَ أَنَّ أَعْظَمَ الْخُسَارَةِ أَنْ يُضَيِّعَ الْإِنْسَانُ لَحْظَةً مِنْ حَيَاتِهِ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ. ﴿كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ * يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّىٰ لَهُ الذِّكْرَىٰ * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾.

فَالْعَاقِلُ وَالْمُوَفَّقُ مَنْ اغْتَنَمَ حَيَاتَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَشَبَابَهُ قَبْلَ هَرَمِهِ، وَصِحَّتَهُ قَبْلَ مَرَضِهِ، وَغِنَاهُ قَبْلَ فَقْرِهِ، وَفَرَاغَهُ قَبْلَ شُغْلِهِ.

وَالْعَاقِلُ وَالْمُوَفَّقُ مَنْ اغْتَنَمَ مَوَاسِمَ الْخَيْرِ الَّتِي مَنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا عَلَىٰ عِبَادِهِ.

 

وَمِنْ هَذِهِ الْمَوَاسِمِ الْعَظِيمَةِ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ أَظَلَّنَا قَبْلَ أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ، أَلَا وَهُوَ شَهْرُ شَعْبَانَ، شَهْرُكُمْ هَذَا، الَّذِي لَهُ مَكَانَةٌ عَظِيمَةٌ عِنْدَ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ، وَكَانَ رَسُولُنَا وَقُدْوَتُنَا مُحَمَّدٌ يُولِي هَذَا الشَّهْرَ اهْتِمَامًا كَبِيرًا، فَهُوَ شَهْرُ الِاسْتِعْدَادِ لِرَمَضَانَ.

 

شَهْرُ شَعْبَانَ الَّذِي يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ كَمَا أَخْبَرَ بِذَٰلِكَ نَبِيُّنَا حِينَ قَالَ: "ذَاكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبَ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى اللَّهِ - وَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي فِيهِ وَأَنَا صَائِمٌ".

 

فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْرَمَنَا لِنَحْيَا شَعْبَانَ، وَنَسْأَلُهُ جَلَّ فِي عُلَاهُ أَنْ يُبَلِّغَنَا رَمَضَانَ، فَنَحْنُ الْيَوْمَ بِأَمَسِّ الْحَاجَةِ لِلرُّجُوعِ إِلَىٰ دِينِنَا، وَالْأُمَّةُ قَاطِبَةً بِحَاجَةٍ لِلتَّعَرُّضِ لِنَفَحَاتِ رَبِّهَا جَلَّ فِي عُلَاهُ.

هَذِهِ الْأُمَّةُ الَّتِي أَصَابَهَا الضَّعْفُ وَالْخُوَرُ، وَالْهَوَانُ وَالتَّشَظِّي وَالتَّقَسُّمُ، وَالتَّلَظِّي بِنَارِ بَعْضِهَا بَعْضًا.

لَكِنَّ الْخَيْرَ فِيهَا قَائِمٌ إِلَىٰ قِيَامِ السَّاعَةِ، فَهِيَ الْأُمَّةُ الْوَحِيدَةُ الَّتِي تُوَحِّدُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ، فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَفَرَتْ فِيهِ سَائِرُ الْأُمَمِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ وُجُودَ اللَّهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ثَلَّثَ، وَمِنْهُمْ مَنْ دَعَا إِلَىٰ كُفْرٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ دَعَا إِلَىٰ انْتِكَاسِ الْفِطَرِ وَالْمِثْلِيَّةِ وَالشُّذُوذِ وَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْفِتَنِ وَالْمِحَنِ.

 

وَأَمَّا هَذِهِ الْأُمَّةُ فَهِيَ تَنْتَظِرُ مَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ صَابِرَةً مُحْتَسِبَةً فِيمَا يَقَعُ عَلَيْهَا مِنْ أَقْدَارِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْفِتَنِ وَالْمِحَنِ وَتَسَلُّطِ أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ وَالْإِلْحَادِ وَالسُّفَهَاءِ عَلَيْهَا.

فَلَا تَسْتَوِي هَذِهِ الْأُمَّةُ مَعَ سَائِرِ الْأُمَمِ، فَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾.

وَيَقُولُ جَلَّ فِي عُلَاهُ: ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا ۚ لَا يَسْتَوُونَ﴾.

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَحْسِنُوا أَعْمَالَكُمْ وَأَخْلِصُوهَا لِلَّهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ.

 

فَإِنَّ الْأَعْمَالَ تُرْفَعُ إِلَىٰ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْمُبَارَكِ الَّذِي يَغْفُلُ عَنْهُ النَّاسُ، شَهْرُ شَعْبَانَ الَّذِي كَانَ السَّلَفُ فِيهِ يُغْلِقُونَ أَعْمَالَهُمْ إِذَا دَخَلَ، وَيَعْكُفونَ عَلَىٰ مَصَاحِفِهِمْ، وَيُظْمِئُونَ أَنْفُسَهُمْ فَتَرَاهُمْ يَصُومُونَ النَّهَارَ وَيَقُومُونَ اللَّيْلَ، يَتَهَيَّئُونَ لِلسَّاعَاتِ الْعِظَامِ، وَالْأَوْقَاتِ الْكِرَامِ، إِلَىٰ سَاعَاتِ رَمَضَانَ.

نسألُ اللهَ أنْ يُبَلِّغَنَا رَمَضَانَ، وَأنْ يُبَلِّغَنَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَأَنْ يُكْرِمَنَا فِيهِمَا.

وَكَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ إِلَّا قَلِيلًا.

 

وَلَعَلَّ سَائِلًا يَسْأَلُ: وَمَا نَفْعَلُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، الَّذِي قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ : "إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا". فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ شَعْبَانَ يُصَامُ نِصْفَهُ، وَالنَّبِيُّ كَمَا تَقُولُ عَائِشَةُ: "صَامَ شَعْبَانَ كُلَّهُ إِلَّا قَلِيلًا".

فَكَيْفَ نَجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ؟

حَدِيثُ النَّبِيِّ : "إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا"، يُحْمَلُ عَلَىٰ مَنْ لَا يُطِيقُ الصِّيَامَ، فَيُخْشَىٰ أَنْ يَصُومَ غَالِبَ شَعْبَانَ، فَإِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ قَطَعَهُ صِيَامُ شَعْبَانَ عَنْ اغْتِنَامِ رَمَضَانَ.

 

فَمَنْ كَانَ يَرَىٰ فِي نَفْسِهِ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَىٰ صِيَامِ شَعْبَانَ، وَأَنَّ ذَٰلِكَ سَيُؤَثِّرُ عَلَىٰ اغْتِنَامِهِ رَمَضَانَ، فَعَلَيْهِ بِصِيَامِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ، فَإِذَا دَخَلَ النِّصْفُ الثَّانِي أَفْطَرَ وَتَهَيَّأَ. وَلَكِنَّهُ أَحْسَنَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرَ وَالطَّاعَةَ، وَالْإِقْبَالَ عَلَىٰ اللَّهِ.

وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِمَّنْ يُطِيقُ الصِّيَامَ فَلَهُ ذَٰلِكَ، عَمَلًا بِالْحَدِيثَيْنِ، فَإِعْمَالُ الْحَدِيثَيْنِ أَوْلَىٰ مِنْ إِهْمَالِ أَحَدِهِمَا.

فَالطَّاعَةُ الرَّئِيسَةُ فِي شَعْبَانَ هِيَ الصِّيَامُ، لِأَنَّهُ شَهْرٌ يَغْفُلُ عَنْهُ النَّاسُ، وَلِأَنَّهُ شَهْرٌ تُعْرَضُ فِيهِ الْأَعْمَالُ عَلَىٰ اللَّهِ.

 

رَسُولُ اللَّهِ يَسْتَحِي مِنْ سَاعَةِ عَرْضِ الْأَعْمَالِ عَلَىٰ اللَّهِ، فَيَصُومُ الْإِثْنَيْنَ وَالْخَمِيسَ، وَشَعْبَانَ، وَيَقُولُ: "إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تُعْرَضَ أَعْمَالِي وَأَنَا صَائِمٌ".

 

فَالْأَعْمَالُ تُعْرَضُ عَلَىٰ اللَّهِ عَلَىٰ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ:

1. رَفْعٌ يَوْمِيٌّ: وَيَكُونُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ، وَلِذَٰلِكَ هُمَا أَعْظَمُ الصَّلَوَاتِ، لِقَوْلِهِ : "مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ". وَمَنْ حَافَظَ عَلَىٰ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِهِمَا أُكْرِمَ بِرُؤْيَةِ وَجْهِ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا قَالَ : "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَىٰ صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا".

 

وَالْمَلَائِكَةُ تَتَعَاقَبُ فِي هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ، وَتَرْفَعُ الْأَعْمَالَ إِلَىٰ اللَّهِ: أَعْمَالُ اللَّيْلِ وَأَعْمَالُ النَّهَارِ، فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ، تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ.

 

وأمّا الرَّفْعُ الثَّانِي يَكُونُ أُسْبُوعِيًّا: فِي يَوْمَي الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ. وَقَدْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ يَبْكِي كُلَّ يَوْمِ اثْنَيْنِ وَخَمِيس، وَيَقُولُ: لَا أَدْرِي أَيُّ أَعْمَالِي رُفِعَتْ إِلَىٰ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وأما الرَّفْعُ السَّنَوِيُّ فِي الدُّنْيَا فَيَكُونُ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ، فَصَحِيفَةُ عَامِكَ كُلِّهِ تُعْرَضُ عَلَىٰ اللَّهِ، فَكَمْ فِيهَا مِنْ سَمَاعٍ لِلْحَرَامِ، وَنَظَرٍ لِلْحَرَامِ، وَمَشْيٍ إِلَىٰ حَرَامٍ، وَأَكْلٍ لِلْحَرَامِ؟ وَكَمْ فِيهَا مِنْ نَوْمٍ عَنْ الصَّلَوَاتِ؟

 

كُلُّ هَذَا سَيُعْرَضُ عَلَىٰ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ فِي هَذَا الشَّهْرِ فِي الْأَيَّامِ الْقَلِيلَةِ الْقَادِمَةِ.

 

وَأَمَّا الْعَرْضُ النِّهَائِيُّ فَيَكُونُ عِنْدَ الْمَوْتِ، ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾.

وَلِذَٰلِكَ اسْتَحَبَّ الْعُلَمَاءُ أَنْ يُفْعَلَ فِي شَعْبَانَ كُلَّ مَا يُفْعَلُ فِي رَمَضَانَ.

وَمِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ: الصَّدَقَةُ وَالزَّكَاةُ، لِمَا فِيهِمَا مِنْ تَفْرِيجٍ عَلَىٰ الْمَكْرُوبِينَ، وَلِيَتَقَوَّىٰ بِهَا الْفُقَرَاءُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ. قَالَ رَبُّنَا جَلَّ وَعَلَا:

﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾.

 

وَمِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْمُبَارَكِ: سَلَامَةُ الصَّدْرِ مِنْ أَنْوَاعِ الشَّحْنَاءِ كُلِّهَا، فَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ شَحْنَاءُ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَلْيَصِلْهُ. قَالَ : "لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَقَاطَعُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ".

 

وَمَنْ كَانَ مُقَصِّرًا فِي حَقِّ وَالِدَيْهِ فَلْيُحْسِنْ إليهما. يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَىٰ: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾.

وَمِنْ كَانَ قَاطِعًا لِرَحِمِهِ فَلْيَصِلْهَا، يَقُولُ : "الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ".

وَمَنْ أَكَلَ مَالَ غَيْرِهِ فَلْيَرُدَّهُ إِلَيْهِ، قَالَ تَعَالَىٰ: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾.

 

وَمِنْهَا أَيْضًا أَنْ يَصُونَ الْمُسْلِمُ لِسَانَهُ عَنِ الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ، ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾. وَأَنْ يَبْتَعِدَ عَنِ الْكَذِبِ وَالْبُهْتَانِ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءُ الْخَيْرَ لِعِبَادِ اللَّهِ كَمَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ.

وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَىٰ الْمُؤْمِنِينَ عُمُومًا بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ:

﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾.

وَيَقُولُ : "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّىٰ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ".

فَعَسَىٰ أَنْ تُرْفَعَ أَعْمَالُنَا إِلَىٰ اللَّهِ فِي هَذَا الشَّهْرِ وَهِيَ بِأَحْسَنِ مَا يُحِبُّ الْوَاحِدُ فِينَا أَنْ تُرْفَعَ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَيَا فَوْزَ الْمُسْتَغْفِرِينَ، اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَىٰ، وَسَلَامٌ عَلَىٰ نَبِيِّهِ الَّذِي اصْطَفَىٰ – أَمَّا بَعْدُ:

مَا أَنْ يُقْبِلَ عَلَيْنَا شَهْرُ شَعْبَانَ إِلَّا وَتُقْبِلُ عَلَيْنَا أَصْوَاتُ الْبِدْعَةِ لِتُشْغِلَنَا عَمَّا أَرَادَهُ اللَّهُ إِلَىٰ مَا لَمْ يُرِدْ، مُحْتَجِّينَ بِجُمْلَةٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ.

وَلَا يَصِحُّ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ حَدِيثٌ إِلَّا وَاحِدٌ، وَهُوَ:

"إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ".

 

وَلَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ لَيْسَ لَهَا أَجْرُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ كَمَا يَقُولُ بَعْضُهُمْ.

وَلَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ لَا تُخَصُّ بِقِيَامٍ، وَلَا يُخَصُّ نَهَارُهَا بِصِيَامٍ، وَلَا تُخَصُّ بِأَيِّ طَاعَةٍ، وَإِنَّمَا الْمُوَفَّقُ هُوَ الَّذِي تَهَيَّأَ مِنْ أَوَّلِ شَعْبَانَ إِلَىٰ لَيْلَةِ الْإِطِّلَاعِ، فَيَجْتَهِدُ فِي حُسْنِ التَّوْبَةِ وَالصِّيَامِ وَالِاسْتِغْفَارِ، ثُمَّ إِذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ بَادَرَ بِإِزَالَتِهَا، رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُغْفَرُ لَهُمْ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ لِاطِّلَاعِ اللَّهِ عَلَىٰ جَمِيعِ خَلْقِهِ.

 

نَحْنُ مُقْبِلُونَ عَلَىٰ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، لَيْلَةِ الْعَفْوِ الْعَامِّ، فَاجْعَلُوا لِلدُّعَاءِ فِي هَذَا الشَّهْرِ نَصِيبًا ‏مِنْ أَوْقَاتِكُمْ، وَادْعُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلِأُمَّةِ الْإِسْلَامِ أَنْ يُفَرِّجَ اللَّهُ كَرْبَهَا، وَأَنْ يَرْفَعَ بَلَاءَهَا.‏

هذهِ الأُمَّةُ الَّتي تَكالَبَتْ عَلَيْها الأُمَمُ، سَخيفُها وَحَقيرُها، حَتَّى أَصْبَحُوا يَتاجِرُونَ بِدِماءِ المُسْلِمِينَ كَأَرْخَصِ دِماءٍ، وَهِيَ فِي الحَقيقَةِ أَزْكاها وَأَعْظَمُها حُرْمَةً عِنْدَ اللهِ.

فَلِماذا وَصَلَتِ الأُمَّةُ إِلَى هَذَا المُسْتَوَى مِنَ الضَّعْفِ وَالذُّلِّ وَالهَوانِ؟

لِماذا لَا يَهابُنا الأَعْداءُ وَنَحْنُ كَثِيرٌ؟

بَلْ لِماذا وَصَلَ الحَالُ أَنْ يُمْلَى عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ مَا لَا يَقْبَلُهُ عاقِلٌ، وَلَا يَرْضَى بِهِ شَرِيفٌ؟

وَجَوابُ ذَلِكَ وَرَدَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ: "بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ المَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ فِي قُلُوبِكُمُ الوَهْنَ".

وَغُثَاءُ السَّيْلِ هُوَ مَا يَطْفُو عَلَى مَاءِ السَّيْلِ مِنْ زَبَدٍ وَأَوْسَاخٍ وَأَعْوَادٍ لَا نَفْعَ فِيهَا.

 

فَأَيُّ مَرَضٍ قَدْ أَصَابَ هَذِهِ الأُمَّةَ، حَتَّى يَقُومَ عَلَيْنَا خَبِيثٌ يَقْسِمُ أَوْطَانَنَا عَلَى سَبِيلِ المُحَاصَصَةِ، وَيَفْرِضُ عَلَيْنَا الِاسْتِجَابَةَ الفَوْرِيَّةَ لِمَا يَهْرِفُ بِهِ؟

بَعْدَمَا ظَنَّ أَنَّ كُلَّ المُسْلِمِينَ كَتِلْكَ الدُّوَلِ الَّتِي فَتَحَتْ لَهُ خَزَائِنَهَا لِيَنْهَبَ مِنْهَا مَا يَشَاءُ، وَظَنَّ أَنَّ المُسْلِمِينَ عَلَى دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّ الجَمِيعَ يَقْبَلُ بِالذُّلِّ وَالهَوانِ.

 

هَذَا الَّذِي يَدَّعِي السَّلَامَ، وَيَظْهَرُ بِدَوْرِ الحَمَلِ الوَدِيعِ، وَقَدْ أَحَاطَ نَفْسَهُ بِكُلِّ مَنْ يَحْقِدُ عَلَى الإِسْلَامِ وَيُعَادِيهِ، وَكُلُّهُمْ عَلَى شَاكِلَتِهِ فِي عَدَائِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ وَلِلْقَضِيَّةِ الفِلَسْطِينِيَّةِ تَحْدِيدًا.

 

"وَفِي السَّمَاءِ طُيُورٌ اسْمُهَا البَجَعُ                 إِنَّ الطُّيُورَ عَلَى أَشْكَالِهَا تَقَعُ".

إِنَّ النَّصْرَ عَلَى أَعْدَاءِ اللهِ مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمَنْ عَلَى شَاكِلَتِهِمْ مِنَ المُنَافِقِينَ وَالمُرْجِفِينَ وَعْدٌ رَبَّانِيٌّ لَا شَكَّ فِيهِ، وَقَدْ أَخْبَرَ بِذَلِكَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ المُسْلِمُونَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ".

هَذَا وَعْدٌ رَبَّانِيٌّ.

إِلَّا إِنَّ اسْتِعْجَالَ الفَرَجِ نَزْعَةٌ بَشَرِيَّةٌ طَبِيعِيَّةٌ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نُعَالِجَ مَا نَحْنُ فِيهِ، ثُمَّ نُحْسِنَ الظَّنَّ بِاللهِ، وَنَتَلَمَّسَ الحِكَمَ البَالِغَةَ مِنْ وَرَاءِ هَذِهِ الِابْتِلَاءَاتِ.

"وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ". فَلَا بُدَّ مِنَ الأَخْذِ بِالأَسْبَابِ الَّتِي أَجْمَلَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ". وَعَلَى سَبِيلِ الذِّكْرِ لَا الحَصْرِ، لَوْ صَلَّى المُسْلِمُونَ الفَجْرَ كَمَا يُصَلُّونَ الجُمُعَةَ بِهَذِهِ الجَمَاعَةِ لَسَقَطَتْ دَوْلَةُ الصَّهَايِنَةِ: "إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ".

فنسألُ اللهَ عزَّ وجلَّ أن يردنا إليه ردًّا جميلا، وأن يعجل نصرنا.

واعلموا أن الله قد أمركم بأمر عظيم بدأ به بنفسه وثنى بملائكة قدسه، وثلث بكم فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.

لبيك اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آل محمد، كما صليت وسلمت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

وارض اللهم عن الصحابة والتابعين  وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين

اللهم أعز الإسلام والمسلمين     وأذل الشرك والمشركين   ودمر أعداء الدين

اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان يذكر فيه اسمك الكريم.

اللَّهُمَّ ارْفَعْ مَا حَلَّ بِإِخْوَانِنَا فِي فِلَسْطِين، اللهم ارفع ما حل باخواننا في غزة وجنين.

اللَّهُمَّ انْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ، وَارْحَمِ الْمُسْتَضْعَفِينَ.

اللَّهُمَّ أَعِنْهُمْ وَلَا تُعِنْ عَلَيْهِمْ، وَمَكِّنْ لَهُمْ وَلَا تُمَكِّنْ مِنْهُمْ، وَانْصُرْهُمْ وَلَا تَنْصُرْ عَلَيْهِمْ.

اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ بِالْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ خَيْرًا فَوَفِّقْهُ إِلَىٰ كُلِّ خَيْرٍ.

وَمَنْ أَرَادَ بِالْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ شَرًّا فَخُذْهُ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ.

اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِالصَّهَايِنَةِ وَمَنْ وَالَاهُمْ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِالصَّهَايِنَةِ وَمَنْ نَاصَرَهُمْ / وَطَبَّعَ مَعَهُمْ.

اللَّهُمَّ لَا تَرْفَعْ لَهُمْ رَايَةً، وَلَا تُحَقِّقْ لَهُمْ غَايَةً، وَاجْعَلْهُمْ عِبْرَةً وَآيَةً.

اللَّهُمَّ مَلِّكِ الْبِلَادَ، أَرِهِ الْحَقَّ حَقًّا وَارْزُقْهُ اتِّبَاعَهُ، وَأَرِهِ الْبَاطِلَ بَاطِلًا وَارْزُقْهُ اجْتِنَابَهُ.

وَهَيِّئْ لَهُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ، إِنْ نَسِيَ ذَكَّرُوهُ، وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانُوهُ.

وأنت يا أخي أقم الصلاة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حسابات الأولين

بسم الله الرحمن الرحيم   ( حسابات الأولين )  الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، الحمد لله الذي أمات وأحيا وأضحك وأبكى، له الحمد سبحانه بما خلقنا ورزقنا وهدانا وعلمنا كفانا فخرا أن تكون لنا ربا، وكفانا عزا أن نكون لك عبيدا ومما زادني شرفًا وتيها       وكدت بأخمصي أطأ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي    وأن صيرت أحمد لي نبيا سبحانك سبحانك ما في الوجود سواك ربُّ يعبد             كلا ولا مولىً هناك فيحمدُ رباه إنّ السيل قد بلغ الزُّبا            والأمر عندك بين الكاف والنون يا من أحال النار حول خليله             روحًا وريحانًا بقولك كوني يا من أمرت الحوت يلفظ يونسًا              وسترته بشجيرة اليقطين رباه إنا مثله في شدة          ...

خطبة الاستسقاء

  بسم الله الرحمن الرحيم (الاستسقاء)   أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ الله أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ الله أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ الله الْحَمْدُ اللَّهَ مُغِيثِ الْمُسْتَغِيثِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. تَكْفَّلَ بِأَرْزَاقِ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا، كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ). وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.   أمّا بعد : صحَّ عَنِ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ أنَّه قال: (ليسَ السَّنَةُ ــ أي: الجَدْبُ والقَحْط ــ بأنْ لا تُمطَروا، ولكِنَّ السَّنَةَ بأنْ تُمطَروا وتُمطروا ؛ ولا تُنْبِتُ الأرضُ شيئًا). اعلموا عبادَ اللهِ: أنَّهُ ما نَزلَ بالعبادِ بلاءٌ إلا بذَنْب، ولا حلَّتْ مُصيبةٌ بالَخْلِق إلا مِنْ خطاياهُم، ولا فَشَا الفسادُ في البَرِّ والبحر إلا بسبِ السيئات. فقد قالَ عزَّ وَجلَّ مُخبِرًا لنا عن ذلك: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِ...

تَبُوكُ – انْتِصَارُ غَزَّةَ

  بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (تَبُوكُ – انْتِصَارُ غَزَّةَ) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَقَدَّرَ فَهَدَى، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَاتَ وَأَحْيَا وَأَضْحَكَ وَأَبْكَى، لَهُ الْحَمْدُ سُبْحَانَهُ بِمَا خَلَقَنَا وَرَزَقَنَا وَهَدَانَا وَعَلَّمَنَا. كَفَانَا فَخْرًا أَنْ تَكُونَ لَنَا رَبًّا، وَكَفَانَا عِزًّا أَنْ نَكُونَ لَكَ عَبِيدًا. وَمِمَّا زَادَنِي شَرَفًا وَتِيْهًا ** وَكِدْتُ بِأَخْمَصِي أَطَأُ الثُّرَيَّا دُخُولِي تَحْتَ قَوْلِكَ يَا عِبَادِي ** وَأَنْ صَيَّرْتَ أَحْمَدَ لِي نَبِيًّا سُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ مَا فِي الْوُجُودِ سِوَاكَ رَبُّ يُعْبَدُ ** كَلَّا وَلَا مَوْلًى هُنَاكَ فَيُحْمَدُ رَبَّاهُ إِنَّ السَّيْلَ قَدْ بَلَغَ الزُّبَى ** وَالْأَمْرُ عِنْدَكَ بَيْنَ الْكَافِ وَالنُّونِ يَا مَنْ أَحَالَ النَّارَ حَوْلَ خَلِيلِهِ ** رَوْحًا وَرَيْحَانًا بِقَوْلِكِ كُونِي يَا مَنْ أَمَرْتَ الْحُوتَ يَلْفِظُ يُونُسًا ** وَسَتَرْتَهُ بِشَجِيرَةِ الْيَقْطِينِ رَبَّاهُ إِنَّا مِثْلَهُ فِي شِدَّةٍ ** فَارْحَمْ عِبَادًا كُلَّهُمْ ذُو...

الْإِسْرَاءُ وَالْمِعْرَاجُ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْإِسْرَاءُ وَالْمِعْرَاجُ   إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَسْتَهْدِيهِ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.   يَا رَبِّ حَمْدًا لَيْسَ غَيْرُكَ يُحْمَدُ      **      يَا مَنْ لَهُ كُلُّ الْخَلَائِقِ تَصْمُدُ أَبْوَابُ غَيْرِكَ رَبَّنَا قَدْ أُوصِدَتْ        **      وَرَأَيْتُ بَابَكَ وَاسِعًا لَا يُوصَدُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، بَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ.     ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِل...

الحلال بين - وسوريا

  بسم الله الرحمن الرحيم ( الحلال بين والحرام بين )   إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، يا ربِّ حمداً ليسَ غَيْرُكَ يُحْمَدُ      **      يا من لَهُ كُلُّ الخَلائِقِ تَصْمُدُ أبوابُ غيرِكَ ربنا قد أوُصدت        **      ورأيتُ بابَكَ واسعاً لا يُوصَدُ وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .   ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾. أما بعد:...

شهر رجب

  بسم الله الرحمن الرحيم (شهر رجب) إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً          فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ            فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُذْنِبُ ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا              وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُص...

ولا تنازعوا فتفشلوا

  بسم الله الرحمن الرحيم (ولا تنازعوا فتفشلوا) إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، يا ربِّ حمداً ليسَ غَيْرُكَ يُحْمَدُ      **      يا من لَهُ كُلُّ الخَلائِقِ تَصْمُدُ أبوابُ غيرِكَ ربنا قد أوُصدت        **      ورأيتُ بابَكَ واسعاً لا يُوصَدُ وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .   ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾. أما بعد فيا عباد الله:...

وقفات مع معجزة الإسراء والمعراج

  بسم الله الرحمن الرحيم عنوان خطبة الجمعة الموحد (وقفات مع معجزة الإسراء والمعراج)   الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، الحمد لله الذي أمات وأحيا وأضحك وأبكى، له الحمد سبحانه بما خلقنا ورزقنا وهدانا وعلمنا كفانا فخرا أن تكون لنا ربا، وكفانا عزا أن نكون لك عبيدا ومما زادني شرفًا وتيها        وكدت بأخمصي أطؤ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي     وأن صيرت أحمد لي نبيا سبحانك سبحانك ما في الوجود سواك ربُّ يعبد                كلا ولا مولىً هناك فيحمدُ رباه إنّ السيل قد بلغ الزُّبا               والأمر عندك بين الكاف والنون يا من أحال النار حول خليله                روحًا وريحانًا بقولك كوني يا من أمرت الحوت يلفظ يونسًا                 وسترته بشجيرة اليقطين رباه إنا مثله في شدة ...

واستعينوا بالصبر والصلاة

  بسم الله الرحمن الرحيم (الصلاة)   إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، يا ربِّ حمداً ليسَ غَيْرُكَ يُحْمَدُ      **      يا من لَهُ كُلُّ الخَلائِقِ تَصْمُدُ أبوابُ غيرِكَ ربنا قد أوُصدت        **      ورأيتُ بابَكَ واسعاً لا يُوصَدُ وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .   ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾. أَمَّا بَعْدُ: قَالَ الإ...