التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قيام الليل

 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

قيام الليل

إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ ‏أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ ‏لهُ،

يا ربِّ حمداً لَيسَ غَيرُكَ يُحمَدُ ** يا مَنْ لَهُ كُلُّ الخَلائِقِ تَصْمُدُ

أبوابُ غَيرِكَ ربَّنا قَدْ أُوصِدَتْ ** ورأيتُ بابَكَ واسِعاً لا يُوصَدُ

وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، ‏وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده ‏حتى أتاه اليقين.‏ ‏

‏﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾‏.‏ ‏

 

‏﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ‏ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.‏

 

أما بعد:‏

إنَّ مِنْ أَعْظَمِ القُرُبَاتِ الَّتِي يَتَقَرَّبُ بِهَا الإِنْسَانُ إِلَى اللهِ تَعَالَى قِيَامُ اللَّيْلِ، فَحِينَ يُخَيِّمُ اللَّيْلُ بِظَلَامِهِ وَتَهْدَأُ الأَرْوَاحُ، وَتَسْكُنُ الأَنْفَاسُ، هُنَاكَ أَجْسَادٌ تَصْنَعُ مِنَ اللَّيْلِ نُورًا، تَسْتَضِيءُ بِهِ فِي ظُلَمِ الدَّيَاجِيرِ.

 

إِنَّهَا أَرْوَاحُ الْمُتَهَجِّدِينَ، الَّذِينَ لَا طُمَأْنِينَةَ لَهُمْ وَلَا رَاحَةَ إِلَّا بِالمَثُولِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ فِي ظَلَامِ اللَّيْلِ، أُولَئِكَ أَقْوَامٌ اخْتَصَّهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِطَاعَتِهِ، أُولَئِكَ الَّذِينَ: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا).

 

وَهُوَ الَّذِي أَوْصَى بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَبِيَّنَا ، فَقَالَ: "يَا مُحَمَّدُ، عِشْ مَا شِئْتَ، فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَأَحْبِبْ مَنْ أَحْبَبْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ، فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، شَرَفُ المُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ، وَعِزُّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ."

وَهُوَ الَّذِي قَالَ عَنْهُ نَبِيُّنَا : "أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْعَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ".

 

حِينَ أَرَادَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا أَنْ يُحَمِّلَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْبَاءَ الرِّسَالَةِ، أَمَرَهُ رَبُّنَا تَعَالَى أَنْ يَقُومَ مِنَ اللَّيْلِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: "يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ، وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلًا".

 

وَأَخْبَرَ رَبُّنَا تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَدْ أَعَدَّ لَهُ مَقَامًا مَحْمُودًا، وَلَا وُصُولَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَلِكَ المَقَامِ إِلَّا بِالقِيَامِ فِي هَذِهِ الدَّارِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَعَالَى. "وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ، عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا".

 

وَصلاةُ الليل أَحَبُّ الصَّلَوَاتِ إِلَى اللهِ تَعَالَى بَعْدَ الفَرَائِضِ. قَالَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللهِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ قِيَامُ اللَّيْلِ".

مَنْ أَرَادَ أَنْ يُؤَدِّيَ شُكْرَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى النِّعَمِ الَّتِي هُوَ فِيهَا، فَلْيَقُمْ مِنَ اللَّيْلِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ، سَاجِدًا وَقَائِمًا.

"أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ".

 

أَعَدَّ اللهُ تَعَالَى لِأَهْلِ اللَّيْلِ نَعِيمًا خَاصًّا، فَقَالَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا، يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، لِمَنْ أَلَانَ الْكَلَامَ، وَأَطَابَ الطَّعَامَ، وَصَامَ النَّهَارَ، وَقَامَ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ".

 

وَهُنَاكَ نَعِيمٌ خَاصٌّ أَخْفَاهُ اللهُ تَعَالَى لِأَهْلِ قِيَامِ اللَّيْلِ حِينَ أَخْفَوْا ذَلِكَ العَمَلَ: "تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ، فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ".

 

وَيَعْجَبُ رَبُّنَا جَلَّ جَلَالُهُ مِنْ عَبْدٍ يَقُومُ مِنْ فِرَاشِهِ وَغِطَائِهِ وَلِحَافِهِ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ بَيْنَ يَدَيْ اللهِ.

قَالَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا إِنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ إِلَى رَجُلَيْنِ: رَجُلٌ قَامَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ مِنْ فِرَاشِهِ وَلِحَافِهِ وَدِثَارِهِ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَلَائِكَتِهِ: مَا حَمَلَ عَبْدِي هَذَا عَلَى مَا صَنَعَ؟ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا، رَجَاءَ مَا عِنْدَكَ وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدَكَ. فَيَقُولُ: فَإِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُهُ مَا رَجَا وَأَمَّنْتُهُ مِمَّا يَخَافُ".

إِنَّ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ لَذَّةً وَنَعِيمًا لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا مَنْ وَاظَبَ عَلَى القِيَامِ فِي ظَلَامِ ‏اللَّيْلِ.‏

إِنَّهُ اصْطِفَاءٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى يختارُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، فِي حِينٍ هُنَاكَ مِنَ الْمُتَعَافِينَ مِنْ أَصْحَابِ القُوَّةِ وَالفُتُوَّةِ مَنْ يَعْجِزُ عَنْ قِيَامِ رَكْعَةٍ فِي اللَّيْلِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلَا، فَالْقَضِيَّةُ لَيْسَتْ قَضِيَّةَ قُوَّةٍ، إِنَّهَا قَضِيَّةُ تَوْفِيقٍ مِنَ اللهِ جَلَّ وَعَلَا، وَحِرْمَانٍ مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ.

فِي زَمَنٍ انْجَرَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ خَلْفَ الشَّهَوَاتِ، وَخَلْفَ المُغْرِيَاتِ.

فِي الوَقْتِ الَّذِي الْتَهَى فِيهِ أَبْنَاءُ المُسْلِمِينَ بِقَضَاءِ سَاعَاتٍ عَلَى مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَإِنَّمَا يَضُرُّهُمْ، وَيَعْجَزُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَقُومَ وَلَوْ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ.

وَيَقْوَى أَنْ يَبِيتَ سَهْرَانًا مِنْ أَجْلِ مُسَامَرَةٍ، أَوْ عَلَى أَحَادِيثَ لَا قِيمَةَ وَلَا طَائِلَ لَهَا، أَوْ عَلَى هَاتِفِهِ حَتَّى طُلُوعِ الفَجْرِ.

رِجَالٌ قَدْ خَطَّ الشَّيْبُ فِي رُءُوسِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ قَدْ غَفَلُوا عَنِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا، فَلَا قِيَامَ وَلَا أُنْسَ بِمُخَاطَبَتِهِ وَالتَّذَلُّلِ بَيْنَ يَدَيْهِ.

يَقُولُ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ: "قُومُوا وَلَوْ بِرَكْعَتَيْنِ فِي ظَلَامِ اللَّيْلِ مِنْ أَجْلِ وَحْشَةِ القُبُورِ".

كَمْ نَمُرُّ بِالقُبُورِ، ظَوَاهِرُهَا سَاكِنَةٌ، وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ ذَلِكَ السُّكُونُ، فَكَمْ فِي دَاخِلِهَا مِنْ وَحْشَةٍ، وَكَمْ فِي دَاخِلِهَا مِنْ مُعَذَّبٍ، وَكَمْ فِي دَاخِلِهَا مِنْ عَوِيلٍ، ومِنْ صَارِخٍ وَمُسْتَغِيثٍ. وَلَا مُغِيثَ إِلَّا اللهُ، وَلَا إِغَاثَةَ إِلَّا بِعَمَلٍ صَالِحٍ.

 

وَلَوْ لَمْ يَعْلَمِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِي قِيَامِ اللَّيْلِ مِنْ أَجْرٍ، لَمَا دَخَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَأَيْقَظَهُمَا، وَقَالَ لَهُمَا: "قُومَا فَصَلِّيَا"، فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا أَرْوَاحُنَا بِيَدِ اللهِ، مَتَى شَاءَ رَبُّنَا بَعَثَهَا"، فَانْصَرَفَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَضْرِبُ بِكَفِّهِ عَلَى فَخِذِهِ وَيَقُولُ: "وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا".

 

يَنْزِلُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَلَا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، نُزُولًا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ، لَا يَرُدُّ دَاعِيًا، وَلَا يُخَيِّبُ رَاجِيًا، وَيَرَى سُبْحَانَهُ دُمُوعًا قَدْ سَالَتْ، وَلَا تَضِيعُ عِنْدَهُ جَلَّ وَعَلَا.

هُوَ أَعْلَمُ بِمَا فِي الصُّدُورِ، فَكَمْ مِنْ دُيُونٍ قُضِيَتْ فِي سَجْدَةٍ بِظَلَامِ اللَّيْلِ، وَكَمْ مِنْ مَرَضٍ ارْتَفَعَ بِسَبَبِ دَعْوَةٍ فِي ظَلَامِ اللَّيْلِ، وَكَمْ مِنْ كَرْبٍ نُفِّسَ، وَمِنْ رِزْقٍ وُسِّعَ، وَمِنْ وَلَدٍ اهْتَدَى، بِسَبَبِ سَجْدَةٍ فِي ظَلَامِ اللَّيْلِ.

 

فَإِنَّنَا فِي زَمَنٍ قَدْ لَفَّتْنَا فِيهِ الشَّهَوَاتُ لَفًّا، وَقَدْ صُبَّتْ عَلَيْنَا فِيهِ الفِتَنُ صَبًّا، وَلَا مَخْرَجَ لِلْعَبْدِ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِالأُنْسِ بِاللهِ تَعَالَى، وَالتَّعَلُّقِ بِرَبِّ العَالَمِينَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

 

هَذَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَى زَوْجَاتِهِ، فَيَقُولُ: "سُبْحَانَ اللهِ! مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتَنِ؟ وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ الخَزَائِنِ؟ أَيْقِظُوا صَوَاحِبَ الحُجَرِ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا، عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ".

فَالْمَخْرَجُ مِنْ هَذِهِ الفِتَنِ الَّتِي فِيهَا النَّاسُ الْيَوْمَ، هُوَ بِالتَّقَرُّبِ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَقِيَامُ اللَّيْلِ شَرَفٌ لِلْعَبْدِ، وَذَلِكَ الشَّرَفُ قَدْ يُصَدُّ عَنْهُ الْعَبْدُ بِسَبَبِ مَعْصِيَتِهِ فِي النَّهَارِ.

 

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الحَسَنِ البَصْرِيِّ، فَقَالَ: "إِنِّي أُعِدُّ سَجَادَتِي، وَلَكِنِّي لَا أَقُومُ اللَّيْلَ"، فَقَالَ الحَسَنُ: "كَبَّلَتْكَ ذُنُوبُكَ وَخَطَايَاكَ، رُبَّمَا أَنَّ خَطِيئَةً وَاحِدَةً تَحْرِمُكَ القِيَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ جَلَّ وَعَلَا، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يُقِيمُ بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَّا مَنْ يَسْتَحِقُّ القِيَامَ".

 

رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يقول: يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ رَأْسِ أحَدِكُمْ إذَا ‏هو نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ مَكَانَهَا: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ ‏فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، ‏فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وإلَّا أصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ.‏

وَإِنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ سَبَبٌ لِطَرْدِ الغَفْلَةِ عَنِ القَلْبِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

"مَن قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ القَانِتِينَ، وَمَنْ قَرَأَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ المُقَنْطِرِينَ".

وَالمُقَنْطِرُونَ: هُمُ المُكْثِرُونَ مِنَ الأَجْرِ وَالثَّوَابِ.

نَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكْتُبَنَا مَعَ القَانِتِينَ وَالمُقَنْطِرِينَ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَيَا فَوْزَ الْمُسْتَغْفِرِينَ، اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ.

  

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَىٰ، وَسَلَامٌ عَلَىٰ نَبِيِّهِ الَّذِي اصْطَفَىٰ – أَمَّا بَعْدُ:

عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- قَالَ: "كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا فَأَقُصُّهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-! وَكُنْتُ غُلامًا شَابًّا وَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ (أي مبنية الجوانب) فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ النَّارِ!! قَالَ: فَلَقِيَنَا مَلَكٌ آخَرُ، فَقَالَ لِي:لا روْعَ عليك! فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ" قَالَ سَالِمٌ: "فَكَانَ لا يَنَامُ مِنْ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلا".

إِنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ وَسِيلَةٌ مِنْ وَسَائِلِ شُكْرِ اللهِ عَلَى نِعَمِهِ، وَإِنَّ القُلُوبَ جُبِلَتْ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهَا، وَلَا أَحَدَ أَعْظَمُ إِحْسَانًا مِنَ اللهِ.

فَالمَخْلُوقُ يَتَقَلَّبُ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ بِنِعَمِ اللهِ، وَمَنْ اسْتَعَانَ بِهَذِهِ النِّعَمِ عَلَى مَعْصِيَةِ اللهِ فَقَدْ جَحَدَهَا، فَمَعَ كَثْرَةِ النِّعَمِ قَلَّ مَنْ يَشْكُرُهَا، قَالَ جَلَّ جَلَالُهُ: "وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ".

واللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ رُسُلَهُ وَعِبَادَهُ بِتَذَكُّرِ نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

"أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ – وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ – وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ".

وقال لعيسى عليهِ السَّلام: "اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا - وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ".

 

وقال للأوس والخزرج: "وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا - وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا"

وقال للمؤمنين: "وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"

فَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ مَنْ نَوَّعَ النِّعَمَ لِعِبَادِهِ، فَمِنْهَا مَا هُوَ نَازِلٌ مِنَ السَّمَاءِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ خَارِجٌ مِنَ الْأَرْضِ، فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهَذِهِ النِّعَمِ عَلَى طَاعَةِ اللهِ.

وَلَعَلَّ أَعْظَمَ نِعْمَةٍ أَنْعَمَهَا اللهُ عَلَيْنَا أَنْ بَعَثَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ أَفْضَلَ رُسُلِهِ، فَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: "لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ".

وَبَقَاءُ النِّعْمَةِ مَقْرُونٌ بِالشُّكْرِ، وَإِنَّ المَعَاصِيَ تَرْفَعُ النِّعَمَ، وَقَدْ لَا تَرْفَعُهَا، وَلَكِنْ تَنْزِعُ البَرَكَةَ مِنْهَا، أَوْ تَكُونُ عَذَابًا لِصَاحِبِهَا.

وَمَا أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا إِلَّا زَالَتْ عَنْهُ نِعْمَةٌ، فَالمَعَاصِي نَارُ النِّعَمِ، تَأْكُلُهَا كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الحَطَبَ.

📖 إِذَا كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ فَارْعَهَا        فَإِنَّ الذُّنُوبَ تُزِيلُ النِّعَمْ

فإذا رأيتَ نِعْمَةً سابِغَةً عليكَ وأنتَ تعصي الله عزّ وجل فاحذر أن يكونَ ذلكَ استدراجًا مِنَ الله، قال جل وعلا: "سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ - وَأُمْلِي لَهُمْ  إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ".

وإنَّ مما يَنْبَغي التذكيرُ بهِ في هذا الْمَقام، الإشارةُ إلى صُوَرِ الْخُلْوَةِ الْمُحَرَّمَة، ومنْ ذلكَ مُصَاحَبَةُ الْخُلْوَةِ لانتهاكِ حُرُماتِ اللهِ في الخفاء.

قال صلى الله عليه وسلم: " لَأَعْلَمَنَّ أقوامًا من أمتي يأتونَ يومَ القيامةِ بحسناتٍ أمثالِ جبالِ تِهامَةَ بيضًا فيجعلُها اللهُ عزَّ وجلَّ هباءً منثورًا قال ثوبانُ يا رسولَ اللهِ صِفْهم لنا جَلِّهم لنا أن لا نكونَ منهم ونحنُ لا نعلمُ قال أما إنهم إخوانُكم ومن جِلدتِكم ويأخذون من الليلِ كما تأخذون ولكنَّهم أقوامٌ إذا خَلْوا بمحارمِ اللهِ انتهكُوها".

اللهم اجعلنا ممن يُعَظِّمونَ شَعائِرَك، وَيُعَظِّمونَ حُرُمَاتِك.

هذا واعلموا أن الله قد أمركم بأمر عظيم بدأ به بنفسه وثنى بملائكة قدسه، وثلث بكم ‏فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ ‏وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.‏

لبيك اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آل محمد، كما صليت وسلمت ‏وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.‏

وارض اللهم عن الصحابة والتابعين       وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين  ودمر أعداء الدين

اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان يذكر فيه اسمك الكريم.‏

اللَّهُمَّ ارْفَعْ مَا حَلَّ بِإِخْوَانِنَا فِي فِلَسْطِين، اللهم ارفع ما حل باخواننا في غزة وجنين.‏

اللَّهُمَّ انْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ، وَارْحَمِ الْمُسْتَضْعَفِينَ.‏

اللَّهُمَّ أَعِنْهُمْ وَلَا تُعِنْ عَلَيْهِمْ، وَمَكِّنْ لَهُمْ وَلَا تُمَكِّنْ مِنْهُمْ، وَانْصُرْهُمْ وَلَا تَنْصُرْ ‏عَلَيْهِمْ.‏

اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ بِالْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ خَيْرًا فَوَفِّقْهُ إِلَىٰ كُلِّ خَيْرٍ.‏

وَمَنْ أَرَادَ بِالْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ شَرًّا فَخُذْهُ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ.‏

اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِالصَّهَايِنَةِ وَمَنْ وَالَاهُمْ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِالصَّهَايِنَةِ وَمَنْ نَاصَرَهُمْ / وَطَبَّعَ ‏مَعَهُمْ.‏

اللَّهُمَّ لَا تَرْفَعْ لَهُمْ رَايَةً، وَلَا تُحَقِّقْ لَهُمْ غَايَةً، وَاجْعَلْهُمْ عِبْرَةً وَآيَةً.‏

اللَّهُمَّ مَلِّكِ الْبِلَادَ، أَرِهِ الْحَقَّ حَقًّا وَارْزُقْهُ اتِّبَاعَهُ، وَأَرِهِ الْبَاطِلَ بَاطِلًا وَارْزُقْهُ اجْتِنَابَهُ.‏

وَهَيِّئْ لَهُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ، إِنْ نَسِيَ ذَكَّرُوهُ، وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانُوهُ.‏

وأنت يا أخي أقم الصلاة.‏

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حسابات الأولين

بسم الله الرحمن الرحيم   ( حسابات الأولين )  الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، الحمد لله الذي أمات وأحيا وأضحك وأبكى، له الحمد سبحانه بما خلقنا ورزقنا وهدانا وعلمنا كفانا فخرا أن تكون لنا ربا، وكفانا عزا أن نكون لك عبيدا ومما زادني شرفًا وتيها       وكدت بأخمصي أطأ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي    وأن صيرت أحمد لي نبيا سبحانك سبحانك ما في الوجود سواك ربُّ يعبد             كلا ولا مولىً هناك فيحمدُ رباه إنّ السيل قد بلغ الزُّبا            والأمر عندك بين الكاف والنون يا من أحال النار حول خليله             روحًا وريحانًا بقولك كوني يا من أمرت الحوت يلفظ يونسًا              وسترته بشجيرة اليقطين رباه إنا مثله في شدة          ...

خطبة الاستسقاء

  بسم الله الرحمن الرحيم (الاستسقاء)   أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ الله أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ الله أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ الله الْحَمْدُ اللَّهَ مُغِيثِ الْمُسْتَغِيثِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. تَكْفَّلَ بِأَرْزَاقِ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا، كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ). وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.   أمّا بعد : صحَّ عَنِ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ أنَّه قال: (ليسَ السَّنَةُ ــ أي: الجَدْبُ والقَحْط ــ بأنْ لا تُمطَروا، ولكِنَّ السَّنَةَ بأنْ تُمطَروا وتُمطروا ؛ ولا تُنْبِتُ الأرضُ شيئًا). اعلموا عبادَ اللهِ: أنَّهُ ما نَزلَ بالعبادِ بلاءٌ إلا بذَنْب، ولا حلَّتْ مُصيبةٌ بالَخْلِق إلا مِنْ خطاياهُم، ولا فَشَا الفسادُ في البَرِّ والبحر إلا بسبِ السيئات. فقد قالَ عزَّ وَجلَّ مُخبِرًا لنا عن ذلك: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِ...

تَبُوكُ – انْتِصَارُ غَزَّةَ

  بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (تَبُوكُ – انْتِصَارُ غَزَّةَ) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَقَدَّرَ فَهَدَى، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَاتَ وَأَحْيَا وَأَضْحَكَ وَأَبْكَى، لَهُ الْحَمْدُ سُبْحَانَهُ بِمَا خَلَقَنَا وَرَزَقَنَا وَهَدَانَا وَعَلَّمَنَا. كَفَانَا فَخْرًا أَنْ تَكُونَ لَنَا رَبًّا، وَكَفَانَا عِزًّا أَنْ نَكُونَ لَكَ عَبِيدًا. وَمِمَّا زَادَنِي شَرَفًا وَتِيْهًا ** وَكِدْتُ بِأَخْمَصِي أَطَأُ الثُّرَيَّا دُخُولِي تَحْتَ قَوْلِكَ يَا عِبَادِي ** وَأَنْ صَيَّرْتَ أَحْمَدَ لِي نَبِيًّا سُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ مَا فِي الْوُجُودِ سِوَاكَ رَبُّ يُعْبَدُ ** كَلَّا وَلَا مَوْلًى هُنَاكَ فَيُحْمَدُ رَبَّاهُ إِنَّ السَّيْلَ قَدْ بَلَغَ الزُّبَى ** وَالْأَمْرُ عِنْدَكَ بَيْنَ الْكَافِ وَالنُّونِ يَا مَنْ أَحَالَ النَّارَ حَوْلَ خَلِيلِهِ ** رَوْحًا وَرَيْحَانًا بِقَوْلِكِ كُونِي يَا مَنْ أَمَرْتَ الْحُوتَ يَلْفِظُ يُونُسًا ** وَسَتَرْتَهُ بِشَجِيرَةِ الْيَقْطِينِ رَبَّاهُ إِنَّا مِثْلَهُ فِي شِدَّةٍ ** فَارْحَمْ عِبَادًا كُلَّهُمْ ذُو...

الْإِسْرَاءُ وَالْمِعْرَاجُ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْإِسْرَاءُ وَالْمِعْرَاجُ   إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَسْتَهْدِيهِ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.   يَا رَبِّ حَمْدًا لَيْسَ غَيْرُكَ يُحْمَدُ      **      يَا مَنْ لَهُ كُلُّ الْخَلَائِقِ تَصْمُدُ أَبْوَابُ غَيْرِكَ رَبَّنَا قَدْ أُوصِدَتْ        **      وَرَأَيْتُ بَابَكَ وَاسِعًا لَا يُوصَدُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، بَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ.     ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِل...

الحلال بين - وسوريا

  بسم الله الرحمن الرحيم ( الحلال بين والحرام بين )   إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، يا ربِّ حمداً ليسَ غَيْرُكَ يُحْمَدُ      **      يا من لَهُ كُلُّ الخَلائِقِ تَصْمُدُ أبوابُ غيرِكَ ربنا قد أوُصدت        **      ورأيتُ بابَكَ واسعاً لا يُوصَدُ وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .   ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾. أما بعد:...

شهر رجب

  بسم الله الرحمن الرحيم (شهر رجب) إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً          فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ            فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُذْنِبُ ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا              وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُص...

ولا تنازعوا فتفشلوا

  بسم الله الرحمن الرحيم (ولا تنازعوا فتفشلوا) إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، يا ربِّ حمداً ليسَ غَيْرُكَ يُحْمَدُ      **      يا من لَهُ كُلُّ الخَلائِقِ تَصْمُدُ أبوابُ غيرِكَ ربنا قد أوُصدت        **      ورأيتُ بابَكَ واسعاً لا يُوصَدُ وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .   ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾. أما بعد فيا عباد الله:...

وقفات مع معجزة الإسراء والمعراج

  بسم الله الرحمن الرحيم عنوان خطبة الجمعة الموحد (وقفات مع معجزة الإسراء والمعراج)   الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، الحمد لله الذي أمات وأحيا وأضحك وأبكى، له الحمد سبحانه بما خلقنا ورزقنا وهدانا وعلمنا كفانا فخرا أن تكون لنا ربا، وكفانا عزا أن نكون لك عبيدا ومما زادني شرفًا وتيها        وكدت بأخمصي أطؤ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي     وأن صيرت أحمد لي نبيا سبحانك سبحانك ما في الوجود سواك ربُّ يعبد                كلا ولا مولىً هناك فيحمدُ رباه إنّ السيل قد بلغ الزُّبا               والأمر عندك بين الكاف والنون يا من أحال النار حول خليله                روحًا وريحانًا بقولك كوني يا من أمرت الحوت يلفظ يونسًا                 وسترته بشجيرة اليقطين رباه إنا مثله في شدة ...

واستعينوا بالصبر والصلاة

  بسم الله الرحمن الرحيم (الصلاة)   إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، يا ربِّ حمداً ليسَ غَيْرُكَ يُحْمَدُ      **      يا من لَهُ كُلُّ الخَلائِقِ تَصْمُدُ أبوابُ غيرِكَ ربنا قد أوُصدت        **      ورأيتُ بابَكَ واسعاً لا يُوصَدُ وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .   ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾. أَمَّا بَعْدُ: قَالَ الإ...

شعبان 2025

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ شَعْبَانُ - وَفَضَائِلُهُ إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ ‏أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ ‏لهُ، يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً          فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ            فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُذنبُ ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا              وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ   وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، ‏وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده ‏حتى أتاه اليقين ‎ . ‎ ‏ ‏ ‏﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾‏ ‎ . ‎ ‏ ‏   ‏﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آم...