التخطي إلى المحتوى الرئيسي

العشر الأواخر - أن للذين يقاتلون

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 (أذن للذين يقاتلون)

 الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، الحمد لله الذي أمات وأحيا وأضحك وأبكى، له الحمد سبحانه بما خلقنا ورزقنا وهدانا وعلمنا

كفانا فخرا أن تكون لنا ربا، وكفانا عزا أن نكون لك عبيدا

ومما زادني شرفًا وتيها       وكدت بأخمصي أطأ الثريا

دخولي تحت قولك يا عبادي    وأن صيرت أحمد لي نبيا

سبحانك سبحانك

ما في الوجود سواك ربُّ يعبد             كلا ولا مولىً هناك فيحمدُ

رباه إنّ السيل قد بلغ الزُّبا            والأمر عندك بين الكاف والنون

يا من أحال النار حول خليله             روحًا وريحانًا بقولك كوني

يا من أمرت الحوت يلفظ يونسًا              وسترته بشجيرة اليقطين

رباه إنا مثله في شدة                  فارحم عبادًا كلهم ذو النون

وأصلي وأسلم وأبارك على سيدي وحبيبي ونبيي محمد صلوات الله وسلامه عليه، هذا النبي الذي طلع في أفق الوجود بدره، وسطعت به شمسه، صنّع الرّجال وخرّج الأبطال وكان قدوة الناس في الميدان، فبأبي وأمي وروحي أنت يا رسول الله.      عباد الله: أوصيكم ونفسيَ المقصرةَ بتقوى الله، لقوله جلّ وعلا:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

أمَّا بَعد:

قالَ رَبُّنا جَلَّ وَعَلا: "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِموا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَديرٌ"‏.

أَذِنَ اللهُ لِلمُستَضعَفِينَ، لِلمَظلومِينَ، لِلمَسَاكِينِ، لِلمَنكُوبِينَ، لِلمُضطَهَدِينَ، لِلمُحاصَرِينَ، لِلمُهَجَّرِينَ،‏ لِلمُشَتَّتِينَ، لِلمُوَزَّعِينَ في غَيرِ أَرضِهِم، في غَيرِ بِلادِهِم، الَّذِينَ يُمارَسُ عَلَيهِمُ الظُّلمُ وَالعُدوانُ وَالقَتلُ ‏وَالإِجرامُ، يُقصَفُونَ بِغَيرِ ذَنبٍ، وَيُهَجَّرُونَ بِغَيرِ جَرِيرَةٍ.‏

أَذِنَ اللهُ لَهُم بِأَن يُقاوِمُوا، وَيُقاتِلُوا مَن ظَلَمَهُم، وَمَنِ اعتَدَى عَلَيهِم، وَمَن حَرَمَهُم مِن حُقوقِهِم، ‏وَمَن أَخَذَ أَرضَهُم، وَمَن سَلَبَ مُقَدَّسَاتِهِم، وَمَنِ اعتَدَى عَلَى أَعرَاضِهِم وَعَلَى بُيُوتِهِم، وَمَن مَنَعَهُم مِنَ ‏المَاءِ وَالكَهرَبَاءِ، وَمَنَعَهُم مِن أَسَاسِيَّاتِ الحَيَاةِ، مِن العِلَاجِ وَالدَّوَاءِ، وَمَن حَاصَرَهُم، وَمَن تَآمَرَ ‏عَلَيهِم، وَمَن خَذَلَهُم.‏

 

إِلى أَيِّ مَدًى يَصِلُ الظُّلمُ وَيَصِلُ الخِزيُ وَالعَارُ في أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم، ‏وَأَن يُسَاوَمَ النَّاسُ فِي أَبسَطِ حُقوقِهِم، وَفِي أَرضِهِمُ المَغصُوبَةِ المَسلُوبَةِ، ‏وَتَخَيَّلُوا إِلَى أَيِّ مَدًى وَصَلَ ظُلمُ أَعدَائِنَا، ‏بَل إِلَى أَيِّ مَدًى وَصَلَ ظُلمُ الأُمَّةِ لِنَفسِهَا وَشَعبِهَا وَأَطفَالِهَا وَنِسَائِهَا، هَذَا الظُّلمُ المُتَرَاكِمُ المُرَكَّبُ ‏القَدِيمُ المُتَجَدِّدُ المُتَزَايِدُ الَّذِي يَزدَادُ يَومًا بَعدَ يَومٍ.‏

صُنوفُ العَذابِ ما وَقَفَتْ وَلَنْ تَتَوَقَّفَ، وَأساليبُ الإجرامِ أَصبَحَتْ مَأْلُوفَةً لِلأُمَّةِ بِتَنَوُّعِها ‏وَازْدِيادِها.‏ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ في كِتابِهِ قالَ: "فَلْيُقاتِلْ في سَبيلِ اللهِ الَّذينَ يَشْرُونَ الحَياةَ الدُّنيا بِالآخِرَةِ"، لا يَنامُ، ‏وَلا يَسْتَسْلِمُ، وَلا يَرْفَعُ الرَّايَةَ البَيْضاءَ، وَلا يُسَلِّمُ رَقَبَتَهُ لِعَدُوِّهِ.‏

رَبُّنَا جل وعلا قالَ: "وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ في سَبيلِ اللهِ"، ثُمَّ لا يُسْمَحُ لِلمَظْلُومِ أَنْ يُجاهِدَ وَيُقاتِلَ هَذا الفاجِرَ ‏الظّالِمَ؟

قالَ ابنُ كَثيرٍ: إِيجابٌ مِنَ اللهِ لِلْجِهادِ عَلى المُسْلِمينَ، وَأَنْ يَكُفُّوا شَرَّ الأَعْداءِ عَنْ حَوْزَةِ الإِسْلامِ، وَأَنْ ‏يُدافِعَ عَنْ دَمِهِ وَدِينِهِ وَأَهْلِهِ، فَهُوَ مِنْ أَبْسَطِ الحُقوقِ وَأَوْجَبِ الواجباتِ.‏

لا يُناقِشُ في ذلِكَ إِلا جاهِلٌ بَيِّنُ الجَهْلِ، أَوْ مُتَجاهِلٌ يَتَغابى أَمامَ النّاسِ.‏

رُوِيَ عنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، ‏وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ"،

وَفي رِوايَةٍ: "مَنْ قُتِلَ دُونَ ‏مَظْلَمَتِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ".‏

مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلَمَتِهِ، حَتَّى لَوْ كانَ الظَّالِمُ لَكَ مِنَ المُسْلِمِينَ، مِنَ الصَّائِمِينَ القَائِمِينَ، فَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا ‏اقْتَحَمَ عَلَيْكَ بَيْتَكَ وَانْتَهَكَ حُرْمَةَ أَهْلِكَ، فَقُمْتَ لَهُ فَقَاتَلْتَهُ، فَقُتِلَ، فَلا شَيْءَ عَلَيْكَ، أَمَامَ الشَّرْعِ.‏

جاءَ رَجُلٌ إِلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ أَنْ ‏يَأْخُذَ مَالِي؟" فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُعْطِهِ مَالَكَ". قالَ: "أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي؟" قَالَ: "قَاتِلْهُ". قالَ: "أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي؟" قَالَ: "فَأَنْتَ شَهِيدٌ". قالَ: "أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟" قَالَ: "هُوَ فِي النَّارِ".‏

"سِيَاسَةُ: إِذَا لَطَمَكَ أَحَدٌ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَأَدِرْ لَهُ خَدَّكَ الأَيْسَرَ" لَا تَصْلُحُ مَعَ عَدُوِّنَا.‏

فَالأُمَّةُ تُضْرَبُ عَلَى خَدِّهَا مُنْذُ عَشَرَاتِ السِّنِينَ، وَوَرَّثَتْ هَذِهِ الضَّرَبَاتِ لِأَوْلَادِ أَوْلَادِهَا، وَلَكِنَّنَا ‏نَعْلَمُ أَنَّ "المُؤْمِنَ القَوِيَّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ".‏

شَيءٌ طَبِيعِيٌّ فِي النُّفُوسِ السَّلِيمَةِ أَنْ تَأْبَى الذُّلَّ، وَأَنْ تُدَافِعَ عَنْ حُقُوقِهَا وَعَنْ حُقُوقِ أَهْلِهَا، عَنْ ‏بُيُوتِهَا، عَنْ عِرْضِهَا وَشَرَفِهَا وَمُقَدَّسَاتِهَا. نُفُوسٌ سَلِيمَةٌ تَأْبَى حَيَاةَ الذُّلِّ، وَتَأْبَى حَيَاةَ العَارِ، ‏وَتَأْبَى أَنْ تُطَأْطِئَ رَأْسَهَا لِعَدُوِّهَا، شَيءٌ طَبِيعِيٌّ أَنْ يُجاهِدَ الشريفُ ويأبى صنوفَ الظُلم والذُل.

يَقُولُ ابنُ حَجَرٍ: "هَذَا إِجْمَاعٌ مِنْ عُلَمَاءِ المُسْلِمِينَ، بِأَنَّ مَنْ أَشْهَرَ سِلَاحًا عَلَى مُسْلِمٍ وَأَرَادَ قَتْلَهُ ظُلْمًا، ‏فَإِنَّهُ يُدْفَعُ بِكُلِّ وَسِيلَةٍ حَتَّى لَوْ أَنَّهُ قُتِلَ، فَلَا شَيْءَ عَلَى القَاتِلِ، وَلَا يَلُومُكَ فِي ذَلِكَ لَائِمٌ".‏

فَكَيْفَ يُلَامُ مَنْ يُقَاتِلُ مَنْ أَخَذَ أَرْضَهُ، وَمَنْ هَجَّرَهُ مِنْ بَيْتِهِ، وَاعْتَدَى عَلَى مُقَدَّسَاتِهِ، وَعَلَى ‏حَرَائِرِهِ وَبَنَاتِهِ، وَمَنْ قَتَلَهُ، وَمَنْ ظَلَمَهُ وفتكَ بِه؟!

ثُمَّ يُطَالِبُهُمُ بَعْضٌ أَلَّا يُقَاتِلُوا، وَلَا يُجَاهِدُوا، وَلَا يَسْتَعِدُّوا، وَهَلْ يَطْلُبُ عَاقِلٌ ‏ذَلِكَ؟!

هَذَا وَاللهِ لَا يَطْلُبُهُ إِلَّا مُتَغَابٍ جَاهِلٌ، تَعَوَّدَ عَلَى الذُّلِّ وَالعَارِ، وَلَمْ يَعْرِفْ يَوْمًا طَعْمَ العِزَّةِ ‏وَالكَرَامَةِ.‏

وَاللهُ فِي عُلْيَائِهِ كَتَبَ فِي عِبَادِهِ: "وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ - وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ".‏

أَمَّا أَنْ يَزْدَادَ التَّقْتِيلُ وَالتَّنْكِيلُ وَالتَّهْجِيرُ وَالظُّلْمُ وَالعُدْوَانُ، فَهَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ عَنِ اليهودِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا.‏

النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ فِي الحَدِيثِ أَنَّ مَنْ تَرَكَ قِتَالَ عَدُوِّهِ عَاشَ فِي ذُلٍّ وَهَوَانٍ، فَقَالَ ‏صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالعِينةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ البَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الجِهَادَ، ‏سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ شَيْءٌ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ".‏

بِمَعْنَى: إِذَا عِشْتُمْ حَيَاتَكُمْ تَأْكُلُونَ وَتَشْرَبُونَ، وَسَكَتُّمْ عَنْ ظُلْمِ الظَّالِمِينَ، وَعُدْوَانِ المُعْتَدِينَ، فَحَتَّى لَوْ ‏أَنَّك تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ، فَإِنَّ حَيَاتَك فِي ذُلٍّ وَعَارٍ. سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ وَلَا يَرْفَعُهُ حَتَّى ‏تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ.

المُعَادَلَةُ وَاضِحَةٌ: تَرْكُ الأَعْدَاءِ فِي ظُلْمِهِمْ وَقَتْلِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ: مَقْرُونٌ بِالذُّلِّ.‏

أَهْلُ الإِلْحَادِ الَّذِينَ لَا يَعْبُدُونَ شَيْئًا، وَلَا يَعْبُدُونَ إِلَهًا، فِي فِيَتْنَامَ مِلْحِدُونَ، قَاتَلُوا الأَمْرِيكَانَ لِسَنَوَاتٍ طَوِيلَةٍ، ‏وَقَدَّمُوا مِئَاتِ الآلَافِ مِنَ القَتْلَى: أَذَلُّوا الأَمْرِيكَانَ فِي فِيَتْنَامَ، إِلَى اليَوْمِ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ المِلْحِدِينَ أَذَلُّوا مَنْ ‏اعْتَدَى عَلَيْهِمْ.‏

فَإِذَا كَانَ أَهْلُ الإِلْحَادِ، مَنْ لَا دِينَ عِنْدَهُمْ، وَلَا يَعْبُدُونَ شَيْئًا، يُدَافِعُونَ وَيُقَاوِمُونَ عَنْ حُقُوقِهِمْ، أَلَسْنَا أَوْلَى ‏بِالقِتَالِ مِنْهُمْ؟! وَبِالدِّفَاعِ عَنْ مُقَدَّسَاتِنَا؟! وَقِتَالِ مَنْ سَرَقَ أَرْضَنَا، وَقَتَلَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا وَشُيُوخَنَا، وَدَمَّرَ كُلَّ مَا ‏يُصْلِحُ لِلْحَيَاةِ هُنَاكَ؟!

الشُّعُوبُ الحُرَّةُ تُدْرِكُ أَنَّ مَنْ رَضِيَ بِحُكْمِ عَدُوِّهِ يَعِيشُ فِي ذُلٍّ وَيَمُوتُ فِي ذُلٍّ.

وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ لِنَبِيِّهِ: "فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ ۚ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلًا"

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فيا فوز المستغفرين استغفروا الله.

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ وكفى، وسلامٌ على نبيِّهِ الذي اصطفى.

أما بعد:

تسارعتْ أيامُ رمضانَ مُؤذنةً بالانصرافِ والرحيلِ، وها هي العشرُ الأخيرةُ تَحِلُّ لتكونَ الفرصةَ لمن فرَّطَ في أولِ الشهرِ، أو لتكونَ التاجَ لمن أصلحَ ووفَّى فيما مضى.

العشرُ الأخيرةُ من شهرِ رمضانَ سوقٌ عظيمٌ يتنافسُ فيه المتنافسونَ، وموسمٌ يضيقُ فيهِ المُفرِّطونَ، وامتحانٌ تُبتلى فيهِ الهممُ، ويتميَّزُ أهلُ الآخرةِ من أهلِ الدنيا.

طالما تحدَّثَ الخطباءُ وأطنبَ الوعَّاظُ وأفاضَ الناصحونَ بذكرِ فضائلِ هذهِ الليالي، وتستجيبُ لهذا النداءِ قلوبٌ خالطها الإيمانُ، فسلكتْ هذه الفئةُ المستجيبةُ طريقَ المؤمنينَ، وانضمَّتْ إلى قافلةِ الراكعينَ الساجدينَ، واختلطتْ دموعُ أصحابها بدعائهمْ في جُنْحِ الظلامِ، وربُّكَ يسمعُ ويجيبُ، وما ربُّكَ بظَلَّامٍ للعَبيدِ.

 

أمَّا الفئةُ الأخرى فتسمعُ النداءَ وكأنَّهُ لا يَعنيها، وتسمعُ المؤمنينَ وهم يصلُّونَ في القيامِ لخالقِهم وكأنَّهُ ليسَ لهم حاجةٌ، بل كأنَّهم قد ضَمِنوا الجنة!

يُنَادِي رَبُّكُمْ: "يَا عِبَادِي، إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ".

هَذَا هُوَ شَهْرُكُمْ، وَهَذِهِ هِيَ نِهَايَاتُهُ، كَمْ مِنْ مُسْتَقْبِلٍ لَهُ لَمْ يَسْتَكْمِلْهُ، وَكَمْ مِنْ مُؤَمِّلٍ أَنْ يَعُودَ إِلَيْهِ لَمْ يُدْرِكْهُ.

أُمَّتُنَا اليَوْمَ بِحَاجَةٍ شَدِيدَةٍ إِلَى الدُّعَاءِ في هذه الأيام المباركة، التي من لياليها ليلةُ القدر، وبخَاصَّةٍ لِأُوْلَئِكَ المُسْتَضْعَفِينَ المَظْلُومِينَ فِي مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، الَّذِينَ تَسَلَّطَ عَلَيْهِمُ الأَعْدَاءُ وَالطُّغَاةُ وَالمُجْرِمُونَ وَالجَبَابِرَةُ وَالمُسْتَكْبِرُونَ، فَسَامُوهُمْ سُوءَ العَذَابِ، وَقَتَلُوا رِجَالَهُمْ وَشَبَابَهُمْ وَأَطْفَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ، وَارْتَكَبُوا بِحَقِّ المَدَنِيِّينَ أَعْظَمَ الجَرَائِمِ، فَأَبَادُوا عَائِلَاتٍ بِأَكْمَلِهَا، وَجَوَّعُوا وَرَوَّعُوا وَحَاصَرُوا البَاقِينَ.

وصدقَ اللهُ في أولئكَ الطغاة (لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً، وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ). 

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وإن أَقَلَّ مَا نُقَدِّمُهُ لِإِخْوَانِنَا الْمَظْلُومِينَ أَنْ نُوَاسِيَهُمْ بِأَمْوَالِنَا وَدُعَائِنَا، وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ. فَرُبَّ أَشْعَثَ، مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ.

إِنَّ مِنَ الْوَاجِبِ عَلَيْنَا أَنْ نُحْيِيَ الرَّابِطَةَ الْإِيمَانِيَّةَ الْإِسْلَامِيَّةَ، فَالْمُسْلِمُ أَخِي لَهُ مَا لِي وَعَلَيْهِ مَا عَلَيَّ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَهُوَ أَخُونَا لَهُ مَا لَنَا وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْنَا.

عَصَم اللهُ دَمَ المسلِمِ ومالَه وعِرضَه، ومنَعَ الاعتِداءَ عليه والنَّيْلَ منه، وتوَعَّدَ مَن يَجترئُ عليه دُونَ مُسَوِّغٍ شرعيٍّ بالعذابِ الأليمِ في الدُّنيا والآخرةِ. ويُبيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنّ للمسلم حقُّ الأمانِ والعِصمةِ في مالِه ودَمِه وعِرضِه.

أَنْ يُفْتَى لِلْمُسْتَأْمِنِينَ، وَيُفْتَى لِأَهْلِ الذِّمَّةِ وَيُفْتَى لِكُلِّ الْمِلَلِ الْمُحَرَّفَةِ وَالْمُزَيَّفَةِ بِأَنْ تُحْتَرَمَ حُقُوقُهُمْ، وَيُحْسَنُ إِلَيْهِمْ، فَهَذِهِ سُنَّةٌ طَيِّبَةٌ، أَمَّا كُلَّمَا جَاءَتْ سِيرَةُ الْمُجَاهِدِينَ وَسِيرَةُ الْمُدَافِعِينَ عَنْ أَرْضِهِمْ وَحَقِّهِمْ وَعِرْضِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ وَنِسَائِهِمْ قُلْنَا بِأَنَّ عِنْدَهُمُ انْحِرَافَاتٍ وَطَعَنّا فِي صِدْقِهِمْ فَهَذَا لَا يَحِقُّ لِأَيِّ وَاحِدٍ أَنْ يَتَحَدَّثَ فِيهِ كَائِنًا مَنْ كَانَ إِذَا كَانَ الْمُجَاهِدُ عَلَى خَطِّ النَّارِ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ، مَا عَرَفَ لِلْجِهَادِ سَبِيلًا وَلَا سَارَ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ يَوْمًا.

مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَهُوَ أَخُونَا لَهُ مَا لَنَا وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْنَا.

ما سِوَى ذَلِكَ يَكُونُ تَحْتَ أَقْدَامِنَا، لِذَلِكَ لَمَّا خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، تِلْكَ الْخُطْبَةُ الْعَظِيمَةِ الَّتِي قَرَّرَ فِيهَا مَعَالِمَ الْإِسْلَامِ وَحُقُوقَ الْإِنْسَانِ، كَانَ مِمَّا قَالَ: لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلَا وَإِنَّ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، تَحْتَ قَدَمَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

كَيْفَ لَوْ رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ وَقَدْ تَفَكَّكَتْ رَوَابِطُهَا وَحُوِّلَتِ الْمَسَمِّيَاتُ مِنْ أُمَّةٍ وَاحِدَةٍ إِلَى دُوَلٍ مُجَاوِرَةٍ.

كَيْفَ لَوْ رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَالَ الْأُمَّةِ وَهِيَ تُحَاصِرُ بَعْضَهَا بَعْضًا، وَهِيَ رَحِيمَةٌ عَلَى الْكُفَّارِ شَدِيدَةٌ بَيْنَهَا.

ومما ينبغي أنْ نعلمَهُ أنَّ اليهودَ ومنْ والاهُمْ وَمَنْ سالَمَهُم هو ‏معهم في خانتهم.

حدثنا بذلك أصدقُ ‏المتحدثين، فقال جل وعلا: "واللهُ أعلمُ بأعدائكم".‏

وإنّ شرفاءَ الأمةِ مِنَ المجاهدينَ الصادقينَ الذين باعُوا أنفسَهُم في سبيلِ الله، يُدركونَ ‏تمامًا معنى أنَّ اللهَ اشترى.

"إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ‏ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ" ‏

ثم يقولُ ربُّنا: "فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"‏

نسألُ اللهَ أنْ يُعَجِّلَ نصرَ إخوانِنا في غزة، وفي كلِّ بلادٍ يُذْكَرُ فيها اسمُهُ الكريم، ‏ويجمعَ شملَ المجاهدين، ويشفيَ مرضاهُمْ، ويُداويَ جَرْحاهم، ويرحَمَ شُهداءَهم.‏

هؤلاء الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ.

فئة مُعانةٌ منَ اللهِ، مَنصورةٌ على مَن خَذَلها وحاربَها، والهَزيمَةُ والخِذلانُ عاقبةُ مَن حارَبَها أو عارَضَها، وسيَظلُّون على هذا الحالِ إلى يومِ القيامةِ طائفةً بعدَ طائفةٍ، وهذا مِمَّا يَدُلُّ على أنَّ الحقَّ لا يَنقطِعُ في أُمَّةِ الإسلامِ.

خَذَلَ مَنْ خَذَلَ، وَطَعَنَ مَنْ طَعَنَ، سَتَبْقَى هَذِهِ الْفِئَةُ ظَاهِرَةً مَنْصُورَةً، شَاءَ مَنْ شَاءَ وَأَبَى مَنْ أَبَى.

نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُعَجِّلَ نَصْرَهُمْ، وَأَنْ يَدْفَعَ عَنْهُمْ كُلَّ مَكْرُوهٍ، وَأَنْ يَكُفَّ بَأْسَ عَدُوِّهِمْ عَنْهُمْ سَوَاءً عَدُوٌّ قَرِيبٌ مُتَآمِرٌ أَوْ بَعِيدٌ مُتَجَبِّرٌ.

هذا واعلموا عباد الله أن الله قد أمركم بأمر عظيم بدأ به بنفسه وثنى بملائكة قدسه، وثلث بكم فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.

لبيك اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آل محمد، كما صليت وسلمت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

وارض اللهم عن الصحابة والتابعين

وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين

اللهم أعز الإسلام والمسلمين

وأذل الشرك والمشركين

ودمر أعداء الدين

اللهم ارفع ما حل بإخواننا في فلسطين، اللهم انصر المجاهدين، وارحم المستضعفين

اللهم أعنهم ولا تعن عليهم، ومكن لهم ولا تمكن منهم، وانصرهم ولا تنصر عليهم

اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين خيرا فوفقه إلى كل خير

ومن أراد بالإسلام والمسلمين شرًا فخذه أخذ عزيز مقتدر

اللهم عليك بالصهاينة ومن والهم / اللهم عليك بالصهاينة ومن ناصرهم / طبع معهم

اللهم لا ترفع لهم راية / ولا تحقق لهم غاية / واجعلهم عبرة وآية.

اللهم بلغنا ليلة القدر، وتقبلها منا وأنت راضٍ عنا.

اللهم ملك البلاد أره الحق حقًا وارزقه إتباعه / وأره الباطل باطلًا وارزقه اجتنابه

وهيئ له البطانة الصالحة، إن نسي ذكروه، وإن ذكر أعانوه. وأنت يا أخي أقم الصلاة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حسابات الأولين

بسم الله الرحمن الرحيم   ( حسابات الأولين )  الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، الحمد لله الذي أمات وأحيا وأضحك وأبكى، له الحمد سبحانه بما خلقنا ورزقنا وهدانا وعلمنا كفانا فخرا أن تكون لنا ربا، وكفانا عزا أن نكون لك عبيدا ومما زادني شرفًا وتيها       وكدت بأخمصي أطأ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي    وأن صيرت أحمد لي نبيا سبحانك سبحانك ما في الوجود سواك ربُّ يعبد             كلا ولا مولىً هناك فيحمدُ رباه إنّ السيل قد بلغ الزُّبا            والأمر عندك بين الكاف والنون يا من أحال النار حول خليله             روحًا وريحانًا بقولك كوني يا من أمرت الحوت يلفظ يونسًا              وسترته بشجيرة اليقطين رباه إنا مثله في شدة          ...

خطبة الاستسقاء

  بسم الله الرحمن الرحيم (الاستسقاء)   أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ الله أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ الله أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ الله الْحَمْدُ اللَّهَ مُغِيثِ الْمُسْتَغِيثِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. تَكْفَّلَ بِأَرْزَاقِ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا، كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ). وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.   أمّا بعد : صحَّ عَنِ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ أنَّه قال: (ليسَ السَّنَةُ ــ أي: الجَدْبُ والقَحْط ــ بأنْ لا تُمطَروا، ولكِنَّ السَّنَةَ بأنْ تُمطَروا وتُمطروا ؛ ولا تُنْبِتُ الأرضُ شيئًا). اعلموا عبادَ اللهِ: أنَّهُ ما نَزلَ بالعبادِ بلاءٌ إلا بذَنْب، ولا حلَّتْ مُصيبةٌ بالَخْلِق إلا مِنْ خطاياهُم، ولا فَشَا الفسادُ في البَرِّ والبحر إلا بسبِ السيئات. فقد قالَ عزَّ وَجلَّ مُخبِرًا لنا عن ذلك: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِ...

تَبُوكُ – انْتِصَارُ غَزَّةَ

  بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (تَبُوكُ – انْتِصَارُ غَزَّةَ) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَقَدَّرَ فَهَدَى، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَاتَ وَأَحْيَا وَأَضْحَكَ وَأَبْكَى، لَهُ الْحَمْدُ سُبْحَانَهُ بِمَا خَلَقَنَا وَرَزَقَنَا وَهَدَانَا وَعَلَّمَنَا. كَفَانَا فَخْرًا أَنْ تَكُونَ لَنَا رَبًّا، وَكَفَانَا عِزًّا أَنْ نَكُونَ لَكَ عَبِيدًا. وَمِمَّا زَادَنِي شَرَفًا وَتِيْهًا ** وَكِدْتُ بِأَخْمَصِي أَطَأُ الثُّرَيَّا دُخُولِي تَحْتَ قَوْلِكَ يَا عِبَادِي ** وَأَنْ صَيَّرْتَ أَحْمَدَ لِي نَبِيًّا سُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ مَا فِي الْوُجُودِ سِوَاكَ رَبُّ يُعْبَدُ ** كَلَّا وَلَا مَوْلًى هُنَاكَ فَيُحْمَدُ رَبَّاهُ إِنَّ السَّيْلَ قَدْ بَلَغَ الزُّبَى ** وَالْأَمْرُ عِنْدَكَ بَيْنَ الْكَافِ وَالنُّونِ يَا مَنْ أَحَالَ النَّارَ حَوْلَ خَلِيلِهِ ** رَوْحًا وَرَيْحَانًا بِقَوْلِكِ كُونِي يَا مَنْ أَمَرْتَ الْحُوتَ يَلْفِظُ يُونُسًا ** وَسَتَرْتَهُ بِشَجِيرَةِ الْيَقْطِينِ رَبَّاهُ إِنَّا مِثْلَهُ فِي شِدَّةٍ ** فَارْحَمْ عِبَادًا كُلَّهُمْ ذُو...

الْإِسْرَاءُ وَالْمِعْرَاجُ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْإِسْرَاءُ وَالْمِعْرَاجُ   إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَسْتَهْدِيهِ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.   يَا رَبِّ حَمْدًا لَيْسَ غَيْرُكَ يُحْمَدُ      **      يَا مَنْ لَهُ كُلُّ الْخَلَائِقِ تَصْمُدُ أَبْوَابُ غَيْرِكَ رَبَّنَا قَدْ أُوصِدَتْ        **      وَرَأَيْتُ بَابَكَ وَاسِعًا لَا يُوصَدُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، بَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ.     ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِل...

الحلال بين - وسوريا

  بسم الله الرحمن الرحيم ( الحلال بين والحرام بين )   إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، يا ربِّ حمداً ليسَ غَيْرُكَ يُحْمَدُ      **      يا من لَهُ كُلُّ الخَلائِقِ تَصْمُدُ أبوابُ غيرِكَ ربنا قد أوُصدت        **      ورأيتُ بابَكَ واسعاً لا يُوصَدُ وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .   ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾. أما بعد:...

شهر رجب

  بسم الله الرحمن الرحيم (شهر رجب) إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً          فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ            فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُذْنِبُ ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا              وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُص...

ولا تنازعوا فتفشلوا

  بسم الله الرحمن الرحيم (ولا تنازعوا فتفشلوا) إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، يا ربِّ حمداً ليسَ غَيْرُكَ يُحْمَدُ      **      يا من لَهُ كُلُّ الخَلائِقِ تَصْمُدُ أبوابُ غيرِكَ ربنا قد أوُصدت        **      ورأيتُ بابَكَ واسعاً لا يُوصَدُ وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .   ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾. أما بعد فيا عباد الله:...

وقفات مع معجزة الإسراء والمعراج

  بسم الله الرحمن الرحيم عنوان خطبة الجمعة الموحد (وقفات مع معجزة الإسراء والمعراج)   الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، الحمد لله الذي أمات وأحيا وأضحك وأبكى، له الحمد سبحانه بما خلقنا ورزقنا وهدانا وعلمنا كفانا فخرا أن تكون لنا ربا، وكفانا عزا أن نكون لك عبيدا ومما زادني شرفًا وتيها        وكدت بأخمصي أطؤ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي     وأن صيرت أحمد لي نبيا سبحانك سبحانك ما في الوجود سواك ربُّ يعبد                كلا ولا مولىً هناك فيحمدُ رباه إنّ السيل قد بلغ الزُّبا               والأمر عندك بين الكاف والنون يا من أحال النار حول خليله                روحًا وريحانًا بقولك كوني يا من أمرت الحوت يلفظ يونسًا                 وسترته بشجيرة اليقطين رباه إنا مثله في شدة ...

واستعينوا بالصبر والصلاة

  بسم الله الرحمن الرحيم (الصلاة)   إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، يا ربِّ حمداً ليسَ غَيْرُكَ يُحْمَدُ      **      يا من لَهُ كُلُّ الخَلائِقِ تَصْمُدُ أبوابُ غيرِكَ ربنا قد أوُصدت        **      ورأيتُ بابَكَ واسعاً لا يُوصَدُ وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .   ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾. أَمَّا بَعْدُ: قَالَ الإ...

شعبان 2025

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ شَعْبَانُ - وَفَضَائِلُهُ إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ ‏أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ ‏لهُ، يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً          فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ            فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُذنبُ ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا              وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ   وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، ‏وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده ‏حتى أتاه اليقين ‎ . ‎ ‏ ‏ ‏﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾‏ ‎ . ‎ ‏ ‏   ‏﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آم...