التخطي إلى المحتوى الرئيسي

شكر النعم

 

بسم الله الرحمن الرحيم

شكر النعم

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَسْتَهْدِيهِ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ،

يَا رَبِّ حَمْدًا لَيْسَ غَيْرُكَ يُحْمَدُ     **     يَا مَنْ لَهُ كُلُّ الْخَلَائِقِ تَصْمُدُ 

أَبْوَابُ غَيْرِكَ رَبَّنَا قَدْ أُوصِدَتْ   **   وَرَأَيْتُ بَابَكَ وَاسِعًا لَا يُوصَدُ 

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، بَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ. 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾. 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾. 

أَمَّا بَعْدُ: 

فَإِنَّ نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْنَا لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، بَلْ هِيَ مُتَتَابِعَةٌ بِتَتَابُعِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾. 

وَيَقُولُ جَلَّ جَلَالُهُ: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾. 

وَإِنَّ الْعَبْدَ يَتَقَلَّبُ مَا بَيْنَ نِعَمٍ تَحْتَاجُ إِلَى شُكْرٍ، وَذَنْبٍ يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِغْفَارٍ، وَكُلُّ هَذَا يَتَطَلَّبُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ شَاكِرًا لِأَنْعُمِ اللَّهِ، مُتَذَكِّرًا إِيَّاهَا فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ، لَا يَغْفُلُ عَنْ حَمْدِ اللَّهِ وَشُكْرِهِ الَّذِي رَزَقَهُ هَذِهِ النِّعَمَ، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾. 

 

وَقَدْ أَمَرَنَا رَسُولُنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْظُرَ الْوَاحِدُ مِنَّا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ». 

 

وَذَلِكَ أَنَّ نَظَرَ الْعَبْدِ إِلَى مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ؛ يُؤَدِّي إِلَى اسْتِحْقَارِ مَا عِنْدَ نَفْسِهِ مِنَ النِّعَمِ، فَيَسْتَقِلُّ النِّعْمَةَ وَيُعْرِضُ عَنِ الشُّكْرِ، وَقَدْ يُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى كُفْرَانِ النِّعْمَةِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ النِّعَمِ؛ فَيَكْفُرُ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ ربنا جل وعلا: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾، فَالْمُكْثِرُ لَيْسَ مَعَهُ إِلَّا هَمُّ الْإِكْثَارِ وَحِفْظِ الْمَالِ، وَالدُّنْيَا سَرِيعَةُ الزَّوَالِ، وَإِذَا تَحَوَّلَ الْمَالُ وَضَاعَ، فَإِنَّهُمْ لَا يُغْبَطُونَ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ إِنَّهُمْ يُرْحَمُونَ وَيُرْثَى لَهُمْ. 

 

وَفِي الْحَدِيثِ: إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا يُعِينُ عَلَى اسْتِشْعَارِ النِّعَمِ كَثْرَةَ التَّأَمُّلِ فِيهَا وَالنَّظَرَ فِي حَالِ مَنْ هُمْ أَقَلُّ حَالًا مِنْكَ. 

وَأَمَّا الشُّكْرُ عَلَى هَذِهِ النِّعَمِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالْجَوَارِحِ. 

أَمَّا شُكْرُ الْقَلْبِ: فَيَكُونُ بِاسْتِشْعَارِ قِيمَةِ النِّعَمِ، وَالِاعْتِرَافِ بِأَنَّ الْمُنْعِمَ لِهَذِهِ النِّعَمِ الْجَلِيلَةِ هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾. وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةِ هِدَايَةٍ، أَوْ صِحَّةِ جِسْمٍ، وَسَعَةِ رِزْقٍ وَوَلَدٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَمِنَ اللَّهِ وَحْدَهُ. 

وَأَمَّا الشُّكْرُ بِاللِّسَانِ: فَيَكُونُ بِانْشِغَالِ اللِّسَانِ بِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا». 

وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رِضَا اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ يُنَالُ بِأَدْنَى سَبَبٍ، فَسُبْحَانَهُ مَا أَعْظَمَ فَضْلَهُ، وَسُبْحَانَهُ مَا أَكْرَمَهُ. 

 

وَأَمَّا شُكْرُ الْجَوَارِحِ: فَيَكُونُ بِتَسْخِيرِهَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَاجْتِنَابِ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْمَعَاصِي وَالْآثَامِ. 

فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَجَّدُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقَالَتْ لَهُ فِي ذَلِكَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ تَفْعَلُ هَذَا وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَقَالَ: «أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا؟!». 

وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: «إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا». 

 

لِذَا قَالَ السَّلَفُ: إِنَّ شُكْرَ النِّعَمِ يَكُونُ بِأَنْ لَا يُسْتَعَانَ بِشَيْءٍ مِنَ النِّعَمِ عَلَى أَدَاءِ الْمَعْصِيَةِ. وَأَنْ يَحْذَرَ الْمُسْلِمُ مِنَ الْغَفْلَةِ عَنْ شُكْرِ اللَّهِ عَلَى نِعَمِهِ، فَإِنَّ مِنْ سُوءِ الْأَدَبِ مَعَ اللَّهِ: الِانْغِمَاسُ فِي النَّعِيمِ، وَنِسْيَانُ الْمُنْعِمِ، ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾. 

 

وَلَقَدْ قَصَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا فِي كِتَابِهِ مِنْ أَخْبَارِ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ، وَكَيْفَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِالْكَثِيرِ، فَلَمَّا لَمْ يَشْكُرُوهَا كَانَ الْجَزَاءُ تَبْدِيلَ هَذِهِ النِّعَمِ إِلَى نِقَمٍ، وَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ، وَمِنْ تِلْكَ الْأَمْثِلَةِ: النِّعَمُ الَّتِي أَنْعَمَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ: فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمُ الرُّسُلَ، وَأَنْزَلَ لَهُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى، وَأَنْعَمَ عَلَيْهِمْ مِنَ النِّعَمِ مَا لَا يُعَدُّ وَلَا يُحْصَى، فَكَفَرُوا بِهَا، فَكَانَ جَزَاؤُهُمْ أَنْ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَأَهْلَكَهُمْ. ﴿وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾. 

 

وَلَكُمْ فِي صَاحِبِ الْجَنَّتَيْنِ الَّتِي قَصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا قِصَّتَهُ الْعِبْرَةُ وَالْعِظَةُ، ذَلِكَ بِأَنَّهُ اغْتَرَّ بِمَالِهِ وَدُنْيَاهُ الَّتِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا، وَتَكَبَّرَ عَلَى خَلْقِ اللَّهِ، ثُمَّ قَادَهُ غُرُورُهُ إِلَى أَنْ يُسِيءَ الظَّنَّ بِخَالِقِهِ. ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا﴾. 

فَاسْتَحَقَّ الْعِقَابَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَتَبَدَّلَ حَالُهُ، ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا﴾. 

 

وَمِنَ الْأَمْثِلَةِ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ شُكْرِ النِّعَمِ: صِنْفٌ يَبْخَلُ وَيَمْنَعُ غَيْرَهُمْ مِنَ الْمَسَاكِينِ وَالْمُحْتَاجِينَ، فَيَتَحَايَلُوا فِي إِخْرَاجِ صَدَقَاتِهِمْ، وَقَدْ قَصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا قِصَّةَ مَنْ تَحَايَلَ فِي جَمْعِ ثِمَارِ بُسْتَانِهِ بِطَرِيقَةٍ لَا يَرَاهُمْ بِهَا أَحَدٌ حَتَّى لَا يُعْطُوا الْمَسَاكِينَ وَالْفُقَرَاءَ مِنَ الثِّمَارِ، ﴿إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ﴾ فَحَلَفُوا أَنْ يَجْنُوا ثِمَارَ بَسَاتِينِهِمْ فِي الصَّبَاحِ الْبَاكِرِ لِئَلَّا يَرَاهُمْ فَقِيرٌ وَلَا سَائِلٌ فَلَا يَتَصَدَّقُوا بِشَيْءٍ مِنَ الثِّمَارِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهَا نَارًا أَحْرَقَتْهَا لَيْلًا وَهُمْ نَائِمُونَ، فَأَصْبَحَتْ مُحْتَرِقَةً سَوْدَاءَ. ﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ﴾. 

وإِنَّ شُكْرَ اللَّهِ وَحَمْدَهُ سَبَبٌ لِرِضَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، يَقُولُ جَلَّ وَعَلَا: 

﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾، وَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا». 

 

فَالشُّكْرُ أَمَانٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ. ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا﴾. 

وإِنَّ الْقُلُوبَ جُبِلَتْ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهَا، وَلَا أَحَدَ أَعْظَمُ إِحْسَانًا مِنَ اللَّهِ، فَالْمَخْلُوقُ يَتَقَلَّبُ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ بِنِعَمِ اللَّهِ، وَمَنِ اسْتَعَانَ بِهَذِهِ النِّعَمِ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَقَدْ جَحَدَهَا، فَمَعَ كَثْرَةِ النِّعَمِ قَلَّ مَنْ يَشْكُرُهَا، قَالَ جَلَّ جَلَالُهُ: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾. 

 

مَعَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ رُسُلَهُ وَعِبَادَهُ بِتَذَكُّرِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لِحَبِيبِنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ﴾. 

وَقَالَ لِلْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا﴾. 

وَقَالَ لِلْمُؤْمِنِينَ: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾. 

 

فَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ مَنْ نَوَّعَ النِّعَمَ لِعِبَادِهِ، فَمِنْهَا مَا هُوَ نَازِلٌ مِنَ السَّمَاءِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ خَارِجٌ مِنَ الْأَرْضِ، فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهَذِهِ النِّعَمِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ. 

وَكَانَ مِنْ دَأْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ فِي صَبَاحِهِ: «اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ فَمِنْكَ وَحْدَكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ، وَلَكَ الشُّكْرُ». وَكَذَلِكَ فِي مَسَائِهِ. 

 

فَالطَّاعَةُ تَحْفَظُ النِّعْمَةَ وَتَزِيدُهَا، فَبَقَاءُ النِّعْمَةِ مَقْرُونٌ بِالشُّكْرِ، فَإِنْ لَمْ نَشْكُرْ زَالَتِ النِّعْمَةُ، كَمَا أَنَّ الْمَعَاصِيَ تَرْفَعُ النِّعَمَ، وَقَدْ لَا تَرْفَعُهَا وَلَكِنْ تَنْزَعُ الْبَرَكَةَ مِنْهَا، أَوْ تَكُونُ عَذَابًا لِصَاحِبِهَا، وَمَا أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا إِلَّا زَالَتْ عَنْهُ نِعْمَةٌ بِحَسَبِ ذَلِكَ الذَّنْبِ. 

إِذَا كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ فَارْعَهَا                فَإِنَّ الذُّنُوبَ تُزِيلُ النِّعَمَ 

فَإِذَا رَأَيْتَ نِعْمَةً سَابِغَةً عَلَيْكَ وَأَنْتَ تَعْصِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَاحْذَرْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ اسْتِدْرَاجًا مِنَ اللَّهِ، يَقُولُ جَلَّ وَعَلَا: ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾. 

 

وَيَقُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مَا يُحِبُّ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى مَعَاصِيهِ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْهُ اسْتِدْرَاجٌ». ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾. 

 

وإِنَّ كُلَّ نِعْمَةٍ وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً سَيُسْأَلُ عَنْهَا الْعَبْدُ هَلْ شَكَرَهَا أَمْ جَحَدَهَا، إِذْ قَدْ يُعَذَّبُ الْمَرْءُ بِالنِّعْمَةِ إِنْ لَمْ يَتَّقِ اللَّهَ فِيهَا، ﴿فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾.

فاتقوا الله في النعم التي منّ الله عليكم بها.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فيا فوز المستغفرين استغفروا الله.

 

 

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ وكفى، وسلامٌ على نبيِّهِ الذي اصطفى، أما بعدُ:

ها نحنُ نُوَدِّعُ شهرَ رمضانَ، وقبلَ دخولِهِ كُنَّا ندعو اللهَ أن يُبَلِّغَنا إيَّاه، واليومَ نقولُ: اللهمَّ تَقَبَّلْهُ مِنَّا خالصًا لوجهِكَ الكريمِ.

 

ولا ندري واللهِ هل نحنُ مِمَّن قُبِلَ منه الصيامُ والقيامُ، وهل نحنُ ممَّن حازَ وفازَ بجائزةِ ربِّنا جلَّ وعلا، أم نحنُ ممَّن صامَ وكان حظُّهُ من صيامِهِ الجوعُ والعطشُ، وقامَ وحظُّهُ من قيامِهِ السهرُ والتعبُ؟ ولكنَّنا نرجو ثوابَ اللهِ، ونطمَعُ في عفوِ اللهِ وكرمِهِ وجودِهِ تباركَ وتعالى، قال ربُّنا جلَّ وعلا في الحديثِ القُدسيِّ: "أنا عندَ ظنِّ عبدي بي"، فأحسِنوا الظنَّ باللهِ مع الحذرِ من التقصيرِ والتفريطِ: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾.

 

وإنْ كُنَّا نقولُ بأنفسِنا واللهِ: ما نفعُ صلاتِنا وصيامِنا وقيامِنا واعتكافِنا والتماسِنا لليلةِ القدرِ في هذه الأيامِ وغَزَّةُ تُبادُ من جديدٍ؟

 

وإخوانُكم يرتقونَ جماعاتٍ وجماعاتٍ: نِساءً، أطفالًا، شُيوخًا.

أُسَرًا بأكملِها تُمسَحُ من السِّجِلَّاتِ.

 

لم يبقَ برنامَجٌ من برامجِ الإذاعاتِ والشاشاتِ في الدُّوَلِ العربيَّةِ والإسلاميَّةِ إلَّا وتناولَ المُفَطِّراتِ والمُفْسِداتِ، ولم يتطرَّقْ برنامجٌ واحدٌ إلى واجبِ الأُمَّةِ وواجبِ وَلِيِّ الأمرِ وواجبِ المسلمينَ تجاهَ إخوانِهِمُ الذين يموتونَ جوعًا، ويتسحَّرونَ ويُفطِرونَ على الرَّاجِماتِ والطَّائراتِ.

يتسحَّرونَ على دمٍ، ويُفطِرونَ على أشلاءٍ.

 

إنها غَزَّةُ التي ما زالت وحيدةً يتيمةً مَخذولةً.

ثُمَّ إذا قام أحدُنا في ليلِهِ دعا: اللهمَّ أعتِقْنا من النَّارِ؟

وإنَّا لنخشَى أن لا نخرجَ منها وقد تركنا إخوانَنا بها.

 

إذا كان رسولُ اللهِ أُنسِيَ متى تُصادِفُ ليلةُ القدرِ لمُجرَّدِ أنَّه دخلَ ورأى رجلَيْنِ يتخاصَمانِ على بابِ المسجدِ، فماذا لو دخلَ اليومَ بين أُمَّتِهِ المُتَخاصِمةِ المُتباغِضةِ المُتشاحِنةِ؟

 

الأُمَّةُ التي تطعَنُ وتخونُ وتغدرُ بعضَها، ماذا لو رأى أطفالَ غَزَّةَ وشيوخَها ونساءَها يُحرَقونَ بنفطٍ عربيٍّ، وبصمتٍ إسلاميٍّ، وتآمُرٍ وإسنادٍ عربيٍّ؟

 

ثمَّ نبحثُ عن التماسِ ليلةِ القدرِ؟

وأهلُ غَزَّةَ يلتمسونَ أبناءَهم وأطفالَهم وأحبَّاءَهم تحتَ الرُّكامِ فلا يجِدونَهم!

وأهلُ غَزَّةَ يلتمسونَ أمنًا وبيتًا وخُبزًا وماءً فلا يجِدون.

 

أهلُ غَزَّةَ الذينَ يلتمسونَ رجلًا شريفًا واحدًا، حاكمًا أو عالمًا، يُدافِعُ من أجلِهم ويَبكِي لمأساتِهم فلا يجِدونَ.

نخجلُ واللهِ أن نقولَ في خِتامِ هذا الشَّهرِ: اللهمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا الصَّلاةَ والصِّيامَ والقيامَ.

لا تَنْسَوْهُم من دُعائِكم فيما تبقَّى من ساعاتٍ على هذا الشَّهرِ الفضيلِ، فقد انقطعتْ بهم السُّبُلُ إلَّا مِنْ دُعائِكم ودَعْمِكم.

 هذا واعلموا عباد الله أن الله قد أمركم بأمر عظيم بدأ به بنفسه وثنى بملائكة قدسه، وثلث بكم ‏فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.‏

لبيك اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آل محمد، كما صليت وسلمت وباركت على ‏إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.‏

وارض اللهم عن الصحابة والتابعين

وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين

اللهم أعز الإسلام والمسلمين

وأذل الشرك والمشركين

ودمر أعداء الدين

اللهم ارفع ما حل بإخواننا في فلسطين، اللهم انصر المجاهدين، وارحم المستضعفين

اللهم أعنهم ولا تعن عليهم، ومكن لهم ولا تمكن منهم، وانصرهم ولا تنصر عليهم

اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين خيرا فوفقه إلى كل خير

ومن أراد بالإسلام والمسلمين شرًا فخذه أخذ عزيز مقتدر

اللهم عليك بالصهاينة ومن والهم / اللهم عليك بالصهاينة ومن ناصرهم / طبع معهم‏

اللهم لا ترفع لهم راية / ولا تحقق لهم غاية / واجعلهم عبرة وآية.‏

اللهم بلغنا ليلة القدر، وتقبلها منا وأنت راضٍ عنا.‏

اللهم ملك البلاد أره الحق حقًا وارزقه إتباعه / وأره الباطل باطلًا وارزقه اجتنابه

وهيئ له البطانة الصالحة، إن نسي ذكروه، وإن ذكر أعانوه. وأنت يا أخي أقم الصلاة.‏

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حسابات الأولين

بسم الله الرحمن الرحيم   ( حسابات الأولين )  الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، الحمد لله الذي أمات وأحيا وأضحك وأبكى، له الحمد سبحانه بما خلقنا ورزقنا وهدانا وعلمنا كفانا فخرا أن تكون لنا ربا، وكفانا عزا أن نكون لك عبيدا ومما زادني شرفًا وتيها       وكدت بأخمصي أطأ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي    وأن صيرت أحمد لي نبيا سبحانك سبحانك ما في الوجود سواك ربُّ يعبد             كلا ولا مولىً هناك فيحمدُ رباه إنّ السيل قد بلغ الزُّبا            والأمر عندك بين الكاف والنون يا من أحال النار حول خليله             روحًا وريحانًا بقولك كوني يا من أمرت الحوت يلفظ يونسًا              وسترته بشجيرة اليقطين رباه إنا مثله في شدة          ...

خطبة الاستسقاء

  بسم الله الرحمن الرحيم (الاستسقاء)   أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ الله أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ الله أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ اللهَ، أستغفِرُ الله الْحَمْدُ اللَّهَ مُغِيثِ الْمُسْتَغِيثِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. تَكْفَّلَ بِأَرْزَاقِ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا، كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ). وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.   أمّا بعد : صحَّ عَنِ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ أنَّه قال: (ليسَ السَّنَةُ ــ أي: الجَدْبُ والقَحْط ــ بأنْ لا تُمطَروا، ولكِنَّ السَّنَةَ بأنْ تُمطَروا وتُمطروا ؛ ولا تُنْبِتُ الأرضُ شيئًا). اعلموا عبادَ اللهِ: أنَّهُ ما نَزلَ بالعبادِ بلاءٌ إلا بذَنْب، ولا حلَّتْ مُصيبةٌ بالَخْلِق إلا مِنْ خطاياهُم، ولا فَشَا الفسادُ في البَرِّ والبحر إلا بسبِ السيئات. فقد قالَ عزَّ وَجلَّ مُخبِرًا لنا عن ذلك: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِ...

تَبُوكُ – انْتِصَارُ غَزَّةَ

  بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (تَبُوكُ – انْتِصَارُ غَزَّةَ) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَقَدَّرَ فَهَدَى، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَاتَ وَأَحْيَا وَأَضْحَكَ وَأَبْكَى، لَهُ الْحَمْدُ سُبْحَانَهُ بِمَا خَلَقَنَا وَرَزَقَنَا وَهَدَانَا وَعَلَّمَنَا. كَفَانَا فَخْرًا أَنْ تَكُونَ لَنَا رَبًّا، وَكَفَانَا عِزًّا أَنْ نَكُونَ لَكَ عَبِيدًا. وَمِمَّا زَادَنِي شَرَفًا وَتِيْهًا ** وَكِدْتُ بِأَخْمَصِي أَطَأُ الثُّرَيَّا دُخُولِي تَحْتَ قَوْلِكَ يَا عِبَادِي ** وَأَنْ صَيَّرْتَ أَحْمَدَ لِي نَبِيًّا سُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ مَا فِي الْوُجُودِ سِوَاكَ رَبُّ يُعْبَدُ ** كَلَّا وَلَا مَوْلًى هُنَاكَ فَيُحْمَدُ رَبَّاهُ إِنَّ السَّيْلَ قَدْ بَلَغَ الزُّبَى ** وَالْأَمْرُ عِنْدَكَ بَيْنَ الْكَافِ وَالنُّونِ يَا مَنْ أَحَالَ النَّارَ حَوْلَ خَلِيلِهِ ** رَوْحًا وَرَيْحَانًا بِقَوْلِكِ كُونِي يَا مَنْ أَمَرْتَ الْحُوتَ يَلْفِظُ يُونُسًا ** وَسَتَرْتَهُ بِشَجِيرَةِ الْيَقْطِينِ رَبَّاهُ إِنَّا مِثْلَهُ فِي شِدَّةٍ ** فَارْحَمْ عِبَادًا كُلَّهُمْ ذُو...

الْإِسْرَاءُ وَالْمِعْرَاجُ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْإِسْرَاءُ وَالْمِعْرَاجُ   إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَسْتَهْدِيهِ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.   يَا رَبِّ حَمْدًا لَيْسَ غَيْرُكَ يُحْمَدُ      **      يَا مَنْ لَهُ كُلُّ الْخَلَائِقِ تَصْمُدُ أَبْوَابُ غَيْرِكَ رَبَّنَا قَدْ أُوصِدَتْ        **      وَرَأَيْتُ بَابَكَ وَاسِعًا لَا يُوصَدُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، بَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ.     ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِل...

الحلال بين - وسوريا

  بسم الله الرحمن الرحيم ( الحلال بين والحرام بين )   إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، يا ربِّ حمداً ليسَ غَيْرُكَ يُحْمَدُ      **      يا من لَهُ كُلُّ الخَلائِقِ تَصْمُدُ أبوابُ غيرِكَ ربنا قد أوُصدت        **      ورأيتُ بابَكَ واسعاً لا يُوصَدُ وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .   ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾. أما بعد:...

شهر رجب

  بسم الله الرحمن الرحيم (شهر رجب) إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً          فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ            فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُذْنِبُ ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا              وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُص...

ولا تنازعوا فتفشلوا

  بسم الله الرحمن الرحيم (ولا تنازعوا فتفشلوا) إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، يا ربِّ حمداً ليسَ غَيْرُكَ يُحْمَدُ      **      يا من لَهُ كُلُّ الخَلائِقِ تَصْمُدُ أبوابُ غيرِكَ ربنا قد أوُصدت        **      ورأيتُ بابَكَ واسعاً لا يُوصَدُ وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .   ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾. أما بعد فيا عباد الله:...

وقفات مع معجزة الإسراء والمعراج

  بسم الله الرحمن الرحيم عنوان خطبة الجمعة الموحد (وقفات مع معجزة الإسراء والمعراج)   الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، الحمد لله الذي أمات وأحيا وأضحك وأبكى، له الحمد سبحانه بما خلقنا ورزقنا وهدانا وعلمنا كفانا فخرا أن تكون لنا ربا، وكفانا عزا أن نكون لك عبيدا ومما زادني شرفًا وتيها        وكدت بأخمصي أطؤ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي     وأن صيرت أحمد لي نبيا سبحانك سبحانك ما في الوجود سواك ربُّ يعبد                كلا ولا مولىً هناك فيحمدُ رباه إنّ السيل قد بلغ الزُّبا               والأمر عندك بين الكاف والنون يا من أحال النار حول خليله                روحًا وريحانًا بقولك كوني يا من أمرت الحوت يلفظ يونسًا                 وسترته بشجيرة اليقطين رباه إنا مثله في شدة ...

واستعينوا بالصبر والصلاة

  بسم الله الرحمن الرحيم (الصلاة)   إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، يا ربِّ حمداً ليسَ غَيْرُكَ يُحْمَدُ      **      يا من لَهُ كُلُّ الخَلائِقِ تَصْمُدُ أبوابُ غيرِكَ ربنا قد أوُصدت        **      ورأيتُ بابَكَ واسعاً لا يُوصَدُ وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ .   ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾. أَمَّا بَعْدُ: قَالَ الإ...

شعبان 2025

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ شَعْبَانُ - وَفَضَائِلُهُ إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ ‏أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ ‏لهُ، يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً          فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ            فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُذنبُ ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا              وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ   وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُ، ‏وصفيه وخليله بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده ‏حتى أتاه اليقين ‎ . ‎ ‏ ‏ ‏﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾‏ ‎ . ‎ ‏ ‏   ‏﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آم...